انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في العاصمة القطرية الدوحة جاء ليعكس رسالة واضحة وقوية مفادها أن هناك تضامناً عربياً وإسلامياً مطلقاً مع قطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير، بما يحمله من انتهاك سافر للسيادة ومخاطر تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها.
القمة أكدت أن قطر ليست وحدها في مواجهة هذه التحديات، حيث أعلنت 55 دولة عربية وإسلامية دعمها الكامل للدوحة في الحفاظ على أمنها القومي وسيادتها، بما يشكل مظلة حماية سياسية ومعنوية في وجه التصعيد الإسرائيلي.
وأكد المشاركون في القمة أن هذه الخطوة لا تمثل مجرد اجتماع استثنائي بقدر ما تعبر عن إرادة جماعية لبلورة موقف عربي-إسلامي موحد في مواجهة إسرائيل، ودعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وشددت المناقشات على أن إسرائيل لن تتمكن من فرض معادلات جديدة عبر سياسات الأمر الواقع أو التوسع العسكري، سواء بمحاولاتها المستمرة لتغيير خرائط القوة أو بفرض حلول أحادية لتصفية القضية الفلسطينية.
القمة، بحسب ما أكد مسؤولون وخبراء شاركوا فيها، لا ينبغي أن تقتصر على بيانات إدانة أو رسائل سياسية، بل تمثل فرصة لتدشين إجراءات عملية من شأنها ردع إسرائيل ومنع تكرار اعتداءاتها على الدول العربية والإسلامية، إلى جانب التحرك الجاد لوقف الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين والتي ترقى إلى جرائم إبادة جماعية.
وأشار الحاضرون إلى أن هذه الإجراءات يجب أن تأخذ طابعاً إلزامياً وغير تقليدي، حتى تكون مؤثرة وتضع حداً للتوسع الإسرائيلي.
ومن أبرز النقاط التي تمت مناقشتها خلال القمة، التأكيد على أن مواجهة إسرائيل تتطلب آليات عملية فاعلة، في مقدمتها إنشاء قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومي العربي وردع أي اعتداء محتمل.
وتم التشديد على أن الاعتداء على أي دولة عربية يجب أن يُعتبر اعتداءً على جميع الدول، وأن الأمن القومي العربي وحدة لا تتجزأ، هذه الفكرة تستند إلى مبادرة قديمة طرحتها مصر في عام 2015 بشأن إنشاء قوة عربية مشتركة، وهو ما عادت إليه المناقشات الآن باعتباره خياراً ضرورياً في ظل تنامي التهديدات.
كما ناقشت القمة ضرورة التحرك على المستويين السياسي والدبلوماسي لتعزيز الموقف العربي-الإسلامي الموحد وربطه بالتحركات الدولية الأخيرة المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وأُشير إلى أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حل الدولتين، والتحركات الأوروبية الداعية للاعتراف بدولة فلسطين، يشكلان فرصة تاريخية يجب استثمارها لتشكيل جبهة ضغط دولية على إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة.
القمة لم تغفل الإشارة إلى أن الدعم الأمريكي المباشر لإسرائيل، خاصة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، هو ما منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساحة أكبر للتوسع والغطرسة في المنطقة.
وأكدت أن استمرار هذا الدعم يشكل خطراً على الاستقرار الإقليمي، ويستدعي موقفاً عربياً وإسلامياً موحداً للضغط على واشنطن لتغيير سياساتها التي تهدد مصالحها في المنطقة بقدر ما تهدد الأمن العربي.
وسط هذه التحديات، عوّل المشاركون في القمة على أن تكون الدوحة منطلقاً لموقف عربي-إسلامي موحد ضد الغطرسة الإسرائيلية، وأن تخرج القمة بقرارات ملزمة وحاسمة، تضع حداً لآلة الحرب الإسرائيلية التي تجول في المنطقة دون رادع.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه القمة سيعتمد على مدى قدرة الدول المشاركة على ترجمة هذا التضامن إلى آليات عملية، عسكرية وسياسية واقتصادية، لمواجهة سياسات الاحتلال ووقف جرائمه بحق الفلسطينيين.
القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة تمثل إذاً لحظة فارقة في مسار المواجهة مع العدوان الإسرائيلي، وفرصة لإعادة صياغة الموقف العربي والإسلامي بما يتناسب مع حجم التحديات والتهديدات التي تعصف بالمنطقة.