حوض النيل

السودان.. مسيرات انتحارية تكشف تحول تكتيكات الدعم السريع

الأحد 14 سبتمبر 2025 - 05:53 م
مصطفى سيد
الأمصار

شهدت جمهورية السودان خلال الأيام الخمسة الماضية موجة من الهجمات الانتحارية بالطائرات المسيّرة، نُفذت بشكل متزامن في ثلاث مدن رئيسية، ما يعكس تحولًا خطيرًا في تكتيكات مليشيا "الدعم السريع" المتمردة التي تكثف عملياتها تزامنًا مع احتدام المعارك في إقليم كردفان واقتراب نهاية فصل الخريف.

فجر الأحد 14 سبتمبر، اهتزت مدينة كوستي الواقعة بولاية النيل الأبيض على وقع سلسلة انفجارات قوية استهدفت منشآت حيوية.

 فقد طالت الهجمات مباني السكك الحديدية، ومرافق النقل النهري، ومستودعات الوقود الرئيسية، إلى جانب قيادة الفرقة 18 مشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية. وقد تسببت الانفجارات في خسائر مادية كبيرة وأثارت حالة من الهلع بين السكان.

الهجمات الأخيرة ليست الأولى من نوعها، إذ سبقتها عملية مماثلة في 9 سبتمبر استهدفت ولاية الخرطوم، وأعلن ما يُعرف بـ"تحالف تأسيس" الموالي لمليشيا الدعم السريع مسؤوليته عنها. واعتبر مراقبون أن هذه العملية كانت رسالة سياسية تهدف إلى إثبات قدرة المليشيا على ضرب العمق الاستراتيجي للبلاد، رغم التراجع الكبير الذي مُنيت به على الأرض وفقدانها مساحات واسعة من سيطرتها.

ويشير محللون عسكريون إلى أن لجوء المليشيا بكثافة إلى الطائرات الانتحارية يعكس حالة الضغط الشديد التي تعاني منها بعد قطع طرق الإمداد عنها وتراجع نفوذها في الميدان. 

غير أن خطورة هذه التكتيكات تكمن في استهدافها المباشر للبنية التحتية المدنية، ما يحولها إلى أداة حرب موجهة ضد الشعب السوداني، ويضاعف من معاناة المدنيين في ظل ظروف إنسانية وأمنية متدهورة.

من جهتها، تجد القوات المسلحة السودانية نفسها أمام تحديات متصاعدة في تطوير أنظمة دفاعها الجوي للتعامل مع هذا النوع من الحروب غير التقليدية، حيث باتت الطائرات الانتحارية عنوانًا لمرحلة جديدة من الصراع. 

وبينما تمضي مليشيا الدعم السريع في تصعيدها، تتضح أكثر معالم المعادلة المأساوية: حرب تستهدف المدنيين بقدر ما تستهدف الجيش، وتهدد استقرار المدن الكبرى على نحو غير مسبوق.