شهدت تونس حدثًا استثنائيًا مع انطلاق أولى سفن أسطول الصمود العالمي من ميناء سيدي بوسعيد باتجاه ميناء بنزرت، في خطوة تمهيدية للإبحار نحو قطاع غزة، بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من 17 عامًا.
وتُعد هذه المبادرة الأوسع من نوعها منذ سنوات، حيث تضم 23 سفينة تونسية، إلى جانب مشاركة وفود من 47 دولة من مختلف أنحاء العالم.
الأجواء التي رافقت الانطلاقة الأولى حملت طابعًا احتفاليًا مؤثرًا، إذ تزينت السفن بالأعلام الفلسطينية والتونسية، فيما علت الهتافات المطالبة بحرية الشعب الفلسطيني وإنهاء الحصار. كما أطلقت الألعاب النارية في مشهد جسد التلاحم الشعبي مع القضية الفلسطينية. وشارك في الفعالية مئات الناشطين والمتضامنين الذين رافقوا الأسطول قبل رحلته الطويلة.
وبحسب المنظمين، فإن الأسطول يضم خليطًا متنوعًا من الشخصيات العامة، بينهم سياسيون وبرلمانيون وفنانون وأطباء وصحفيون وأكاديميون، وهو ما يعكس الطابع الدولي العابر للحدود لهذه المبادرة. ومن المقرر أن تنضم السفن الأوروبية القادمة من إسبانيا وإيطاليا إلى نظيراتها التونسية خلال الساعات المقبلة قبل أن تبحر جميعها نحو غزة.
الناشط التونسي وسام الصغير أكد في تصريحات صحفية أن هذه المبادرة تهدف إلى إيصال رسالة إنسانية بالدرجة الأولى، مشيرًا إلى أن الأسطول يرمز إلى وحدة الشعوب في مواجهة ما وصفه بـ "الظلم التاريخي" الواقع على غزة.
ودعا الصغير الرأي العام العالمي إلى متابعة الحدث عن كثب والضغط على الحكومات لفتح ممرات إنسانية عاجلة.
ويأتي هذا التحرك في وقت بالغ الحساسية، حيث حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا، ونقص حاد في الغذاء والدواء.
كما طالبت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي في استهداف سفن مدنية الأسبوع الماضي قرب السواحل التونسية.
ورغم التحديات اللوجستية والأمنية التي قد تواجه الأسطول، يؤكد المشاركون إصرارهم على المضي قدمًا في هذه الخطوة، معتبرين أنها لا تمثل مجرد مبادرة رمزية بل رسالة قوية لإسرائيل والمجتمع الدولي بأن غزة ليست وحدها، وأن هناك إرادة عالمية لمناهضة الحصار وإبراز معاناة المدنيين الفلسطينيين.