بعد أن أعلنت المفوضية الأوروبية، في مايو الماضي، أن دول الاتحاد الأوروبي تسير على الطريق الصحيح لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الضارة بنسبة 54% بحلول عام 2030، مما يقربها من هدف الاتحاد البالغ 55%.
أرجأت دول الاتحاد الأوروبي خططها لاعتماد هدف جديد لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك بعد اعتراضات من بعض الحكومات، أبرزها فرنسا وألمانيا، على الإسراع في إبرام اتفاق نهائي، بحسب ما أكد ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين.
وكان من المقرر أن يوافق وزراء البيئة في الاتحاد يوم 18 سبتمبر على هدف ملزم يقضي بخفض صافي انبعاثات الاتحاد الأوروبي بنسبة 90% بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 1990، مع السماح بتغطية جزء من هذا الخفض عبر شراء أرصدة كربونية من الخارج. غير أن سفراء دول الاتحاد قرروا، خلال اجتماع مغلق أمس الجمعة، إلغاء التصويت وتأجيل الملف إلى وقت لاحق، وسط مخاوف من فشل التوصل إلى توافق شامل.
ويستند هذا التقييم إلى الخطط الوطنية للمناخ والطاقة، التي يتعين على الدول الأعضاء أن توضح فيها بالتفصيل كيف تعتزم تحقيق الهدف طويل الأجل للاتحاد الأوروبي المتمثل في تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وخفض الانبعاثات بأكثر من النصف بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 1990.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه أوروبا ضغوطًا متزايدة لتأكيد التزامها بمسار الحياد الكربوني بحلول 2050، خاصة بعد أن جعلت التغيرات المناخية القارة الأسرع احترارًا عالميًا، وهو ما تجلى في موجات حر قاتلة وحرائق غابات قياسية وفيضانات مدمّرة كان آخرها في إقليم فالنسيا بإسبانيا.
ومنذ أن اقترحت المفوضية الأوروبية، في يوليو الماضي، خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040، مقارنة بمستويات عام 1990. وكشفت عن هدفها المناخي الجديد للاتحاد الأوروبي.
يهدف الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون محايدًا مناخيًا بحلول عام 2050، أي ألا يتسبب في انبعاث غازات حرارية أكثر مما يمكن امتصاصه، سواء طبيعيًا أو عن طريق التقنيات.
ويشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي ملزمة حاليا بخفض الانبعاثات الضارة بالمناخ في أنحاء التكتل بنسبة 55% بالمقارنة مع مستويات عام 1990، بحلول نهاية العقد الحالي، وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
والأمر يحمل الكثير من الجدل بين الدول الأعضاء، حيث تدعم دول مثل الدنمارك وإسبانيا وهولندا هذا الهدف الطموح، بينما تعارضه دول أخرى من بينها فرنسا وبولندا وإيطاليا، مطالبة بنقله إلى طاولة قادة الاتحاد الأوروبي الذين سيجتمعون في أكتوبر المقبل.
ويزيد ذلك من صعوبة التوصل إلى اتفاق، إذ يتخذ القادة قراراتهم بالإجماع على عكس الوزراء.
ويدرس الدبلوماسيون خيارات بديلة - كمحاولة لكسب تأييد الدول المتحفظة- منها توسيع دور الأرصدة الكربونية في بلوغ الهدف، أو ربط الاتفاق بتعديلات في تشريعات أوروبية أخرى مثل ضريبة الكربون على الواردات، أو الموعد النهائي المقرر في 2035 لحظر سيارات محركات الاحتراق الداخلي.
ومنذ أن اعتمدت العواصم الأوروبية والبرلمان الأوروبي لأول مرة قانون المناخ الخاص بالتكتل في عام 2021، تزايدت قوة معارضي إجراءات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ وطموحاته البيئية، زاعمين أن تلك الإجراءات تؤدي إلى إعاقة التقدم الاقتصادي.
ويشير تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. يمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة. ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.
وينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
وتشمل غازات الدفيئة الرئيسية التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان. تأتي هذه من استخدام البنزين لقيادة السيارة أو الفحم لتدفئة مبنى، على سبيل المثال. يمكن أن يؤدي تطهير الأراضي وقطع الغابات أيضًا إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. تعتبر عمليات الزراعة والنفط والغاز من المصادر الرئيسية لانبعاثات غاز الميثان. تعد الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين القطاعات الرئيسية المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري