في إطار سعيها إلى تعزيز حضور الكتب السينمائية المُترجمة في المكتبة العربية، وبدعم من مبادرة «ترجم» التابعة لهيئة الأدب والنشر والترجمة، أعلنت الموسوعة السعودية للسينما تقديم 22 كتاباً مترجماً من 4 لغات عالمية (الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية)، ويأتي تدشين 17 كتاباً منها في معرض الرياض الدولي للكتاب، فيما ستُدشَّن الخمسة الأخرى قبل نهاية العام.
وأوضح رئيس تحرير الموسوعة، عبد الوهاب العريض، أنّ الجهود التي تقدّمها مبادرة «ترجم» من شأنها زيادة عدد الكتب المُترجمة خلال السنوات المقبلة، لتكون الموسوعة (التابعة لجمعية السينما) رائدة في صناعة الكتاب السينمائي، إذ تقدّم خلاصة التجارب العالمية في صناعة الأفلام وكتابة السيناريو، وكذلك تربط السينما بالعلوم الإنسانية من خلال الكتب التي تقدّمها نخبة من الفلاسفة والكتّاب في العالم.
عناوين نقدية مُنتظَرة
من بين هذه العناوين، يأتي كتاب «الحتمية في السينما» بترجمة سمر ذياب، وهو من تأليف توماس م. بوير، ويقدّم رحلة فلسفية وسينمائية عبر عدسة «الحتمية»؛ ذلك المفهوم الذي شغل العقول منذ فجر الفكر الإنساني. يطرح الكتاب قراءة عميقة تجمع بين النظرية السينمائية والفلسفة والعلوم، ويناقش كيف صوَّرت السينما الإنسان كائناً محكوماً بقوانين لا يراها لكنه يشعر بوطأتها: قوانين اللغة أو البنية أو الاقتصاد أو الزمن نفسه.
كما يُقدّم المترجم السعودي غسان الخنيزي كتابَيْن؛ أولهما بعنوان «الحكاية والسرد: تحليل الحكي القصصي في السينما»، للباحث وارن بكلاند، الذي يتناول نشأة الحكاية والسرد في السينما المُبكرة ودورهما في تحوّلها السريع من سينما «معالم الفرجة» إلى سينما «التكامل السردي». أمّا الثاني فهو «برمجة الأفلام لدور العرض، والمهرجانات، والأرشيفات السينمائية» من تأليف بيتر بوسما، ويعرض دليلاً شاملاً ومكثَّفاً يُضيء على مهمّات القيّم السينمائي في برمجة الأفلام.
ويطرح المترجم منير عليمي كتابَيْن أيضاً؛ الأول بعنوان «السينما الصامتة، قبل انكماش الصورة» للكاتب لورنس لابر، يركّز على مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث شهدت السينما الصامتة تحوّلات مفصلية. أما الثاني فهو «إعادة إحياء هوليوود القرن الحادي والعشرين» للكاتب نيل آرتشر، الموجَّه إلى عشّاق الأفلام الهوليوودية المعاصرة.
وأيضاً، يُقدّم المترجم بهاء إيعالي كتاب «نظريات السينمائيين» من تأليف جاك أومون، الذي يهتم بالفكر السينمائي كما عبَّر عنه صنّاعه، مُستعرضاً نظريات أبرز الأعلام الذين شكّلوا مدارس يُشار إليها في عالم السينما.
ومن بين العناوين المهمّة، تترجم سمرا محفوض كتاب «إحياء التشويق: البطء والجو المحيط في السينما» لريك ورنر، الذي يُطوّر مفهوم التشويق نظرياً وتاريخياً وتصنيفاً وتحليلاً جديداً. كما تقدّم ترجمة لكتاب «تاريخ السينما الإسلامية في بومباي» الذي حرَّره إيرا بهاسكار وريتشارد ألين، مُضيئاً على الثقافات الإسلامية ودورها في تطوير دور السينما المنتجة في بومباي.
وفي عوالم السينما الهندية، يُقدّم المترجم المصري محمد هاشم عبد السلام ترجمة لكتاب بعنوان «السينما الهندية بعيون النقاد»، من إعداد إم كيه راجافيندرا وفي كيه جوزيف، الذي يُعد محاولة رصينة وعميقة وبانورامية بعض الشيء، تُوفّر للقارئ العربي المهتمّ بهذه السينما نظرة شاملة وعميقة إلى حال السينما الهندية قديماً وواقعها المعاصر أو الآني. كما يُقدّم عبد السلام ترجمة لكتاب «تصوير التاريخ من الأسفل» للناقد والأكاديمي الإسباني إيفرين كويفاس، لنستكشف معه كيف يُمكن عبر بعض الأفلام الوثائقية إعادة بناء أو قراءة التاريخ من منظور الأسفل؛ أي من خلال قصص الأفراد العاديين والأحداث الصغيرة التي غالباً ما تُهمّش في الروايات التاريخية التقليدية.
وفي قائمة عناوين الموسوعة السعودية للسينما التي ستصدر ضمن مبادرة «ترجم»، يبرز كتاب بعنوان «الشيطان يجد عملاً» من تأليف جيمس بالدوين، وترجمة عصام زكريا، يُلخّص فيه الكاتب اهتمامه بالسينما وقوّتها، خصوصاً فيما يتعلّق بقدرتها على تمرير الثقافة المهيمنة في مجتمع ما وتأكيدها، بما تحمله من عنصرية وتنميط وتفضيلات. وهو أحد مقالاته الطويلة المتأخرة، التي يمزج فيها بين ذكريات طفولته عن السينما وسحرها وتأثيرها في حياته، وتحليل البنية العنصرية وتفكيكها في السينما الهوليوودية.
وتُقدّم المترجمة مرح مجارسة كتاب «النقد الاجتماعي في السينما» من تأليف فرانك فيشباخ، وتشير في المقدّمة إلى أنه ليس مجرّد دراسة عن النقد الاجتماعي في السينما، بل هو دعوة لإعادة التفكير بدور الفنّ في تشكيل الوعي الجمعي. ففي زمن يبدو فيه الاستهلاك الثقافي السطحي طاغياً، تأتي السينما لتُذكّرنا بقدرتها على أن تكون أداة للتغيير، ووسيلة لتحرير الوعي من القيود التي تكبّله.
وعن تقنية الغياب، يأتي كتاب بعنوان «الغياب في السينما... فنّ إظهار اللاشيء» من تأليف الكاتب والناقد السينمائي جاستن ريمس، وترجمة تولين نجمه، ويرصد تقنية يعتمدها بعض المخرجين في أعمالهم السينمائية، ترتكز على إخفاء بعض العناصر أو عدم إظهارها، وترك مساحة للاستدلال عليها لدى المُشاهد؛ أي ملء الفراغات التي تقصَّد المخرج حذفها، مثل أجزاء من الحوار أو أصوات في الخلفية أو حتى صور للشخصيات.