في تحول ميداني بارز ضمن المعارك المستمرة في إقليم كردفان، تمكنت القوات المسلحة السودانية من استعادة مدينة بارا الواقعة في ولاية شمال كردفان، بعد أن ظلت تحت سيطرة قوات الدعم السريع لأكثر من عامين.
هذا التقدم العسكري يأتي في إطار عمليات واسعة ينفذها الجيش لاستعادة مناطق استراتيجية في وسط البلاد، وسط تصاعد حدة المواجهات في الإقليم الذي يشهد منذ أشهر معارك عنيفة بين الطرفين.
الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني أعلنت أنها تمكنت من تحرير مدينة بارا بالكامل بعد مواجهات وصفتها بالضارية ضد قوات الدعم السريع. ونشرت عبر منصاتها مشاهد مصورة تظهر عناصرها وهي تتجول في شوارع المدينة، التي تقع جنوب مدينة الأبيض، كبرى مدن إقليم كردفان. وفي بيان رسمي عبر موقع فيسبوك، أكدت الحركات أن القوات المشتركة نجحت في كسر شوكة العدو، مشيرة إلى تدمير المجموعة رقم 449 التابعة لقوات الدعم السريع بشكل كامل خلال العمليات العسكرية الأخيرة.
حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، وصف استعادة مدينة بارا بأنه انتصار لكل السودانيين، معتبراً أن هذا التقدم العسكري يمثل بشارة بقرب الخلاص، ومؤشراً على أن الفاشر ودارفور ستعودان إلى حالة من الأمن والاستقرار. تصريح مناوي يأتي في ظل تصاعد العمليات العسكرية في الإقليم، الذي يشهد محاولات متكررة من الجيش لاستعادة السيطرة على المدن الرئيسية.
في المقابل، أصدرت قوات الدعم السريع بياناً أكدت فيه أنها تمكنت للمرة الثانية خلال أسبوع من إسقاط طائرة مسيّرة تركية الصنع من طراز بيرقدار آقنجي، أثناء تنفيذها عمليات استهداف في مناطق متفرقة من كردفان ودارفور. ونشرت القوات مقطعاً مصوراً يُظهر أجزاء من حطام الطائرة، مشيرة عبر قناتها على تلغرام إلى جاهزيتها لحماية المدن والقرى وضمان أمن المواطنين، في ظل استمرار الغارات الجوية التي تنفذها القوات المسلحة.
مدينة الخوي، إحدى أكبر محافظات غرب كردفان، لا تزال تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر، فيما يواصل الجيش السوداني تنفيذ عمليات عسكرية لاستعادتها وفتح الطريق نحو إقليم دارفور. ووفقاً لمصادر ميدانية، شن الطيران المسيّر التابع للجيش غارات ليلية يوم الأربعاء استهدفت مقر أمانة الحكومة في مدينة نيالا، جنوب دارفور، والتي تُعد العاصمة المؤقتة للحكومة الموازية بقيادة الدعم السريع. كما طالت الغارات مدينة زالنجي في وسط دارفور، وسط غياب أي تعليق رسمي من قوات الدعم السريع بشأن هذه الهجمات.
وفي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تجددت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد فترة من الهدوء الحذر. وتفرض قوات الدعم السريع حصاراً على المدينة منذ أكثر من عام، في محاولة للسيطرة عليها. وأفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن الجيش يخوض مواجهات عنيفة في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، بهدف صد محاولات التوغل نحو وسطها، مؤكدة استمرار المعارك وسط صمود القوات المشتركة في الدفاع عن المدينة.
مصادر إعلامية محلية أفادت بأن الطرفين تبادلا القصف المدفعي بكثافة في عدة محاور داخل المدينة، في حين حلّقت الطائرات المسيّرة التابعة لقوات الدعم السريع بكثافة فوق الفاشر، ما يعكس تصاعدًا في وتيرة العمليات العسكرية. وأشارت المصادر إلى أن قوات الدعم السريع تمكنت الأسبوع الماضي من التقدم والسيطرة على أجزاء من شمال سوق المواشي وحي أولاد الريف، في خطوة تعزز من موقعها الميداني داخل المدينة.
تستمر معركة الفاشر منذ عدة أشهر دون أن يتمكن أي طرف من حسمها، وقد تحولت إلى حرب استنزاف تتخللها هجمات متبادلة بوتيرة متسارعة. ويقاتل الجيش السوداني وحلفاؤه بشراسة لمنع سقوط المدينة، في حين يواصلون تنفيذ هجمات مضادة على أطرافها المحاصَرة، وسط توقعات بأن المعركة ستظل مفتوحة على احتمالات متعددة في ظل تعقيدات المشهد العسكري والسياسي في دارفور.