شيعت دولة قطر، عصر اليوم الخميس، جثامين ضحايا الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف العاصمة الدوحة، وسط مشاركة واسعة تقدّمها أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى جانب كبار المسؤولين وممثلين عن مختلف مؤسسات الدولة، وجموع غفيرة من المواطنين والمقيمين.
وجرت مراسم صلاة الجنازة عقب صلاة العصر في جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب بالعاصمة القطرية، قبل أن يوارى الضحايا الثرى في مقبرة مسيمير، في مشهد امتزج فيه الحزن بالغضب على استهداف مدنيين داخل أراضي دولة عربية ذات سيادة، للمرة الأولى في تاريخ الصراع.
وكانت إسرائيل قد شنت، مساء الثلاثاء، هجوماً صاروخياً عنيفاً استهدف مباني سكنية في الدوحة، قالت إنها تأوي عدداً من أعضاء المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ورغم نجاتهم من القصف، أعلنت الحركة عن مقتل خمسة من عناصرها، بينهم همام، نجل كبير مفاوضي الحركة خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لباد، إضافة إلى مرافقيه أحمد مملوك وعبد الله عبد الواحد ومؤمن حسون.
كما لقي مصرعه العريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري، من منتسبي قوة الأمن الداخلي القطرية، أثناء تأديته لمهامه لحظة وقوع الهجوم، ليسجل اسمه ضمن قائمة الضحايا الذين ارتقوا على أرض بلاده.
وفي أول تعليق رسمي، عبر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية أمس الأربعاء، عن استنكار بلاده الشديد، قائلاً: "لا أجد كلمات للتعبير عن مدى غضبنا من هذا الهجوم الإسرائيلي الذي يمثل إرهاب دولة".
واتهم المسؤول القطري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتهاك القوانين الدولية وتجويع قطاع غزة، مشدداً على أن "نتنياهو يجب أن يقدم للعدالة، وهو مطلوب أصلاً لدى المحكمة الجنائية الدولية".
وأضاف أن الهجوم "أنهى كل أمل بشأن ملف الأسرى في غزة"، مؤكداً أن بلاده بصدد "إعادة تقييم كل شيء" يتعلق بدورها كوسيط رئيسي في المفاوضات بين إسرائيل وحماس.
منذ عام 2012، تستضيف الدوحة المكتب السياسي لحركة حماس بموافقة ضمنية من واشنطن، التي رغبت في الإبقاء على قناة اتصال مفتوحة مع الحركة.
وخلال السنوات الماضية، لعبت قطر دوراً محورياً في تسهيل جولات المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، خصوصاً في الملفات الإنسانية وصفقات تبادل الأسرى.
غير أن الهجوم الأخير، بحسب مراقبين، قد يشكل نقطة تحول في سياسة الدوحة، التي ترى أن استهداف أراضيها يمثل تجاوزاً خطيراً لا يمكن التعامل معه كحادث عابر، خصوصاً في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وتبعاتها الإقليمية المتصاعدة.
ومن جانبه، أشار الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن بلاده تناقش مع شركاء إقليميين ودوليين صيغة رد جماعي، آملاً أن يكون هذا الرد "حقيقياً وقادراً على وقف بلطجة إسرائيل"، على حد وصفه، مؤكداً أن استهداف قطر لم يكن موجهاً ضدها فقط، بل يمثل رسالة تهديد لكل دول المنطقة.