دراسات وأبحاث

الغرب يعيد تقييم موقفه من إسرائيل.. تصدّع في الدعم الأوروبي

الجمعة 12 سبتمبر 2025 - 02:27 ص
عمرو أحمد
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

تُظهر التطورات الأخيرة تحولاً ملحوظاً في المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل، حيث بدأت رياح التغيير تهب من العواصم الغربية، حاملة معها خطاباً أكثر حدة وأقل تردداً مما كان سائداً في الماضي. 

استمرار العدوان الإسرائيلي في غزة 

هذا التحول يأتي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي في غزة وتصاعد التوترات في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، مما يدفع الدول الأوروبية إلى إعادة تشكيل علاقتها مع حليفها التقليدي.

المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل

بريطانيا: لم يكن اللقاء الأخير بين الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مجرد زيارة بروتوكولية، بل كان مواجهة سياسية صريحة. 

وصَف هرتسوغ اللقاء بأنه "صعب"، حيث وُضعت على الطاولة قضايا حساسة، بدءاً من المجازر في غزة والغارة الإسرائيلية على الدوحة، وصولاً إلى شروط الاعتراف المحتمل بدولة فلسطينية. 

كما برزت أصوات معارضة داخل الحكومة البريطانية نفسها، حيث قال وزير الصحة البريطاني إن تل أبيب "تقود نفسها نحو العزلة"، في تصريح غير مسبوق قبل أشهر قليلة.

فرنسا: عبرت فرنسا عن سخطها العلني بعد الغارة الإسرائيلية على قطر، واعتبرتها انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة شريكة. 

وشدد الرئيس الفرنسي على أن الحرب لا يمكن أن تستمر، مجدداً تمسكه بحل الدولتين. هذا الموقف يعكس تزايد الضغط الأوروبي على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية والالتزام بالحلول السياسية.

ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، باتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي اعتبر فيها أن فرنسا تتقاعس في مواجهة معاداة السامية، واصفا هذه الاتهامات بأنها «غير مقبولة» وتشكل «إهانة لفرنسا بأكملها».

وقال ماكرون في الرسالة التي وجهها إلى نتنياهو، وكشفت صحيفة «لوموند» عن مضمونها : «هذه الاتهامات بالتقاعس أمام آفة نكافحها بكل ما أوتينا من قوة، غير مقبولة وتشكل إهانة لفرنسا بأكملها»، مشددا على أهمية تجنب تسييس جهود مكافحة معاداة السامية.

وتأتي هذه الرسالة في أعقاب تصريحات لنتنياهو اتهم فيها ماكرون بـ«تأجيج معاداة السامية»، وذلك بعد إعلان فرنسا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

وبحسب إذاعة «مونت كارلو»، بعث نتنياهو برسالة إلى ماكرون يوم 17 أغسطس، تم تسريب مضمونها قبل وصولها إلى الإليزيه، حسب الصحف المحلية، وعبر فيها عن «قلقه البالغ من تصاعد معاداة السامية في فرنسا وتقاعس الحكومة الفرنسية عن اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهتها»، مضيفا أن قرار الاعتراف بدولة فلسطينية هو «مكافأة للإرهاب» ودعم لحركة حماس.

كندا ودول أوروبية أخرى: تتجه كندا، ومعها دول أوروبية أخرى، نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذا التوجه يأتي كرد فعل مباشر على عدم تغيير إسرائيل لسلوكها العسكري والإنساني، ويشير إلى أن الخيارات الدبلوماسية التقليدية لم تعد كافية في نظر هذه الدول.

تحول في ميزان القوى

تقف إسرائيل الآن في مأزق دبلوماسي متزايد، حيث تتآكل شبكة دعمها التقليدية في الغرب. هذا التحول يعيد تشكيل العلاقة بين الغرب والاحتلال الإسرائيلي، ويتجاوز الدبلوماسية المعتادة ليدخل مرحلة جديدة من المحاسبة والمساءلة.

في ظل هذه الأوضاع، ترتسم معالم مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، حيث قد يؤدي تراجع الدعم الأوروبي إلى تغيير في ميزان القوى السياسي، ويفتح الباب أمام حلول جديدة للصراع.