دراسات وأبحاث

تراجع أسعار السلع الاستهلاكية يضع الاقتصاد الصيني في مأزق

الأربعاء 10 سبتمبر 2025 - 03:38 م
نرمين عزت
الأمصار

وفي وقت تسعى الحكومة جاهدة لإنعاش الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تراجعت أسعار السلع الاستهلاكية في الصين الشهر الماضي بأسرع معدل لها منذ 6 أشهر، بحسب ما أظهرت بيانات رسمية الأربعاء.

وتتسم أسعار السلع الاستهلاكية في الصين بتنوعها الكبير، وتشمل قطاعات رئيسية مثل الإلكترونيات الاستهلاكية (هواتف، حواسيب، أجهزة لوحية)، الملابس والمنسوجات، الأجهزة المنزلية، والأدوات المنزلية.

تُعرف الصين بأنها أكبر دولة مصدرة في العالم وتعتبر ثاني أكبر مستورد للبضائع، مما يجعل اقتصادها مهمًا على الصعيد العالمي.

أهم السلع الاستهلاكية الصينية:

الإلكترونيات: تشمل هواتف ذكية، حواسيب، أجهزة لوحية، وأجهزة كهربائية أخرى.

الملابس والمنسوجات: تُصنّع الصين مجموعة واسعة من المنتجات من القطن الخام إلى الملابس الجاهزة.

الأجهزة المنزلية: مثل الثلاجات والمكانس الكهربائية.

الأدوات المنزلية: تتوفر مجموعة متنوعة من المنتجات المتعلقة بالمنزل.

المواد الكيميائية: تمثل جزءًا مهمًا من الواردات الأمريكية من الصين.

الأثاث: يتم استيراده بكميات متفاوتة من الصين.

الاقتصاد الصيني والتجارة:

أصبحت الصين بعد إصلاحات 1978 أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، مما مكنها من أن تصبح أكبر دولة مصدرة في العالم.

تُعد الصين ثاني أكبر مستورد للبضائع في العالم، مما يؤكد دورها الكبير في الاقتصاد العالمي.

أمثلة على التجارة مع دول أخرى:

تستورد مصر من الصين منتجات مثل الآلات والأجهزة الكهربائية، الحديد والصلب، وألياف النسيج الصناعية.

الإلكترونيات الاستهلاكية هي أكبر فئة من واردات الولايات المتحدة من الصين.

وتعاني بكين منذ سنوات من تراجع الإنفاق المحلي، مدفوعا بالتباطؤ الذي شهدته سوق العقارات في ظل تفاقم التحديات التي تواجه صادراتها.

وتراجع مؤشر أسعار المستهلك الذي يعد مقياسا رئيسيا للتضخم بنسبة 0,4 بالمئة من عام لآخر في أغسطس، بحسب بيانات نشرها "المكتب الوطني للإحصاءات".

ويعد الرقم أقل من نسبة التراجع البالغة 0,2 بالمئة التي وردت في مسح أجرته وكالة "بلومبرغ" لتوقعات خبراء الاقتصاد. ومثّل التراجع الأكبر منذ فبراير (0,7%).

وبعد استقرار النسب في يوليو، يعكس التراجع إلى المستويات السلبية "أسعار المواد الغذائية المتقلبة"، بحسب خبيرة الاقتصاد الصيني لدى "كابيتال إيكونوميكس" زيشون هوانغ.

وكتبت في مذكرة أنه "بينما ارتفع التضخم الكامن مؤخرا، يعكس ذلك بالمجمل عوامل موقتة بدلا من أي تحسن كبير في غياب التوازن الكامن بين العرض والطلب".

وفي وقت تحاول كبرى الاقتصادات الغربية التعامل مع شبح التضخم، يحاول قادة الصين مواجهة الأسعار الثابتة أو المتراجعة.

وتؤدي موجة الانكماش إلى إضعاف ثقة المستثمرين وتهدد هدف بكين الرسمي للنمو لهذا العام والبالغ حوالى خمسة بالمئة.

تراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة

وفي بيان آخر الأربعاء، أرجعت خبيرة الإحصاء لدى "المكتب الوطني للإحصاءات" دونغ ليجوان تراجع مؤشر أسعار المستهلك من عام لآخر إلى تأثير القاعدة المرتفع إضافة إلى الزيادات في أسعار المواد الغذائية التي تعد "أقل من المستويات الموسمية".

وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في أغسطس بنسبة 0,6 بالمئة.

كما تراجعت التكاليف بالنسبة للمنتجين الشهر الماضي، بحسب المكتب الوطني للإحصاءات، لكن بوتيرة أبطأ من الشهور الأخيرة.

وتراجع مؤشر أسعار المنتج الذي يقيس أسعار المنتجات قبل دخولها مرحلة البيع بالجملة أو التوزيع بنسبة 2,9%، في تحسّن عن التراجع البالغة نسبته 3,6 بالمئة في يوليو وبما يتوافق مع توقعات بلومبرغ.

لكن الانخفاض الأخير يعد امتدادا لسلسلة من السنوات المتتالية في المنطقة السلبية المتواصلة منذ أواخر العام 2022.

وكتبت هوانغ من "كابيتال إيكونوميكس" "مع ضعف الطلب المحلي واستمرار الطاقة الإنتاجية الزائدة، نشك في إمكانية حدوث تحسن كبير في البيئة الانكماشية في الصين على المدى القريب".

وكافحت الصين للمحافظة على تعافٍ اقتصادي قوي بعد فترة كوفيد-19، في وقت تواجه أزمة ديون في قطاع العقارات الضخم، وانخفاضا مزمنا في الاستهلاك وازديادا في معدلات البطالة في أوساط الشباب.

وأظهرت بيانات رسمية هذا الأسبوع ازدياد الصادرات في أغسطس بنسبة 4,4 بالمئة من عام لآخر، لكن ليس بمستوى التوقعات.

وواصلت الصادرات إلى الولايات المتحدة التي تعد أكبر شريك تجاري للصين، تراجعها على وقع التوترات التجارية بين بكين وواشنطن.

انكماش أسعار المستهلكين في الصين خلال أغسطس

انكمشت أسعار المستهلكين في الصين بأكثر من المتوقع خلال أغسطس آب، كما استمر الانكماش في أسعار الجملة، وسط تصاعد الدعوات إلى بكين لتعزيز إجراءاتها لدعم الطلب المحلي الضعيف والتخفيف من أثر تباطؤ نمو الصادرات.

وفقاً للبيانات الصادرة، اليوم الأربعاء، عن المكتب الوطني للإحصاء، انكمش مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.4% الشهر الماضي على أساس سنوي، مقارنةً بتوقعات اقتصاديين استطلعتهم وكالة "رويترز" التي أشارت إلى انكماش بنسبة 0.2%.

أما مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، فقد ارتفع بنسبة 0.9% على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير شباط 2024، وفقاً لـ "ويند إنفورميشن". وشهدت فئات مثل الأجهزة المنزلية والملابس زيادات ملحوظة في الأسعار بلغت 4.6% و1.9% على التوالي.

في المقابل، انكمش مؤشر أسعار المنتجين بنحو 2.9% في أغسطس آب على أساس سنوي، متوافقاً مع توقعات المحللين، فيما ظل مستقراً على أساس شهري.

وأرجعت السلطات الصينية دخول التضخم الرئيسي في المنطقة السالبة إلى «أثر المقارنة المرتفع» مع العام الماضي وانخفاض أسعار الغذاء، بينما عزت تضييق التراجع في أسعار المنتجين جزئياً إلى جهود بكين في ضبط المنافسة السعرية المفرطة.

وتعمق انكماش أسعار الغذاء إلى 4.3% في أغسطس آب مقابل 2.7% في يوليو تموز، مع تسجيل انخفاضات أوسع في أسعار لحم الخنزير والخضروات والفواكه الطازجة.

كما ازدادت وتيرة الانكماش في أسعار السلع المعمرة إلى 3.7% الشهر الماضي، مقارنة بـ3.5% في يوليو تموز، بحسب تقديرات زي تشون هوانغ، الخبير الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»، الذي أشار إلى أن مستوى الانكماش يفوق ما شهدته الصين خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وأضاف هوانغ لـCNBC أن ارتفاع التضخم الأساسي يعكس «عوامل مؤقتة أكثر من كونه تحسناً جوهرياً في اختلالات العرض والطلب»».

وقال تيان تشن شو، كبير خبراء الاقتصاد في وحدة «إيكونوميست إنتليغنس»، إن انكماش أسعار المنتجين، الذي يدخل عامه الثالث، شهد بعض التخفيف مقارنة بالأشهر السابقة، لكنه أضاف أن «دورة الانتعاش لا تزال بعيدة بالنسبة للصين»، في ظل تردد بكين في فرض قيود على الطاقة الإنتاجية الصناعية وتراجع الطلب العالمي على المواد الخام والسلع الصناعية.

أما بالنسبة للتعافي في مؤشر الأسعار الأساسي، فأوضح شو أن «التحفيز الطلبي لعب دوراً في رفع الأسعار، حتى وإن كان بعيداً عن هدف التضخم الذي حددته الصين»، حيث تستهدف بكين معدل تضخم سنوي يقارب 2% في عام 2025.

وأظهرت البيانات أن تضخم قطاع الخدمات ارتفع بشكل طفيف إلى 0.6% على أساس سنوي.

وقد كثف صناع القرار في الصين جهودهم لكبح التخفيضات السعرية المفرطة التي تآكلت معها أرباح الشركات دون أن تحقق أثراً يُذكر في تحفيز الطلب.

كما أوقفت عدة حكومات محلية في أنحاء البلاد برامجها الخاصة باستبدال السلع الاستهلاكية، التي تقدم دعماً لشراء السيارات والأجهزة المنزلية والهواتف الذكية، بسبب الاستنفاد السريع للأموال المخصصة لها.

وفي ظل صدور بيانات جديدة تشير إلى تصاعد الضغوط الاقتصادية، دعا عدد متزايد من الاقتصاديين بكين إلى إطلاق حزم دعم مالي إضافية.

وأظهرت بيانات الجمارك الصينية الصادرة الاثنين أن نمو الصادرات تباطأ إلى 4.4% في أغسطس آب، وهو الأضعف خلال ستة أشهر، فيما يتوقع خبراء أن تواجه الشحنات الصينية ضغوطاً إضافية مع استهداف الولايات المتحدة إعادة توجيه البضائع عبر دول وسيطة».