واجهت بلدة ويندن الصغيرة في ولاية أريزونا الأمريكية أزمة بيئية متفاقمة، بعدما هبطت الأرض هناك بأكثر من 5.5 أمتار خلال ثمانية عقود، نتيجة الاستغلال المكثف للمياه الجوفية، وسط غياب أي مؤشرات على توقف هذه الظاهرة الخطيرة.
ويرى الخبراء أن هذا التدهور بسبب الزراعة المكثفة للمحاصيل المستهلكة للمياه، وعلى رأسها الفصفصة التي تزرعها شركة "فوندومونتي" التابعة لمجموعة المراعي السعودية، والتي تتهمها سلطات الولاية باستنزاف ما يقارب.81% من المياه الجوفية في المنطقة.
سكان ويندن، وهي بلدة غير مدمجة تبعد نحو 96 كيلومتراً عن محمية نهر كولورادو، اضطروا إلى الحفر آلاف الأقدام للوصول إلى المياه الجوفية، في وقت تتصاعد فيه الخلافات بين المجتمعات والشركات حول تقاسم حصص مياه النهر.
ويحذر غاري سايتر، رئيس منطقة تحسين المياه في البلدة، من أن الوضع أشبه بـ"كارثة مؤكدة"، مشيراً إلى أن الأرض غرقت 1.1 متر خلال 15 عاماً فقط، وأن البلدة تخسر سنوياً نحو 5.5 سنتيمتر إضافية، ما يجعل الاستمرار في هذا النمط "غير متوازن وغير مستدام".
وأفادت دراسة صادرة عن جامعة ولاية أريزونا أكدت أن الغرق الأرضي مرتبط مباشرة بالاستخدام المتزايد للمياه الجوفية في حوض نهر كولورادو، مشيرة إلى أن نحو 80% من أراضي أريزونا لا تخضع لأي تنظيم مائي، الأمر الذي يسمح للشركات الزراعية الكبرى بضخ كميات هائلة دون الإفصاح عن حجم الاستهلاك.
كما يتيح القانون للشركات شراء حقوق المياه والأراضي في مجتمعات مثل ويندن ونقلها إلى مناطق أخرى، ما يفاقم الأزمة ويضع السكان في مواجهة مباشرة مع الشركات العملاقة.
وفي خطوة تصعيدية، رفعت المدعية العامة كريس مايز دعوى قضائية ضد شركة "فوندومونتي" متهمة إياها بالتسبب في أضرار بالغة لويندن عبر الضخ المفرط، وقالت: "المياه اختفت بسبب استنزاف السعوديين للأرض"، فيما تدافع الشركة عن نفسها مؤكدة أن استهلاكها معقول وأنها تدير مواردها "بشكل واع".
وتكشف بيانات وزارة الزراعة الأمريكية أن المزارع الكبرى المملوكة لأجانب شهدت خلال العقد الماضي توسعاً كبيراً، من 506 آلاف هكتار عام 2010 إلى 1.2 مليون هكتار حالياً، الأمر الذي يعكس حجم الضغوط على موارد المياه في الولاية.
جدير بالذكرأن محاولات الهيئة التشريعية في أريزونا فرض قيود على ضخ المياه الجوفية في المناطق الريفية، فإن تلك الجهود باءت بالفشل.
وفي جلسة العام 2025، اقترحت الحاكمة الديمقراطية كاتي هوبس إنشاء مناطق لإدارة المياه الجوفية الريفية، غير أن الانقسامات الحزبية حالت دون الاتفاق على مستوى التخفيض المطلوب، ليظل مستقبل ويندن معلقاً على مفاوضات سياسية لم تثمر حتى الآن.