تواجه أسواق السندات طويلة الأجل عالميًا واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا، إذ بات شهر سبتمبر من كل عام يمثل نقطة ضعف تقليدية لهذه السوق.
وخلال عام 2025 تتزايد التحديات مع استمرار الضغوط المالية العالمية، وتصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية في عدة دول، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على عوائد السندات وحركة المستثمرين.
على مدى عقد مضى، عانت السندات الحكومية ذات آجال الاستحقاق الطويلة من أداء ضعيف في سبتمبر، ليصبح أسوأ أشهر العام على الإطلاق.
ويربط مراقبون هذا الضعف بالزيادة المعتادة في الإصدارات الحكومية خلال هذا الشهر، بعد فترة من التوقف في شهري يوليو وأغسطس.
خلال العام الجاري، تتخلف السندات الأطول أجلًا عن نظيرتها قصيرة الأجل، مع تزايد المخاوف من تكثيف الحكومات للاقتراض لتمويل التزاماتها، وسط ضغوط مالية متصاعدة على مستوى العالم.
يتزايد القلق في الأسواق مع ترقب مسار أسعار الفائدة على الدولار، خاصة في ظل الخلافات المعلنة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والاحتياطي الفيدرالي، ما يثير مخاوف بشأن استقلالية أكبر مؤسسة مالية في العالم، ويضاف إلى ذلك القلق من انعكاسات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على معدلات التضخم في الولايات المتحدة.
في أوروبا، تفاقمت الأوضاع المالية في فرنسا مع تهديدات بسقوط حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، ما دفع عوائد السندات في ثاني أكبر اقتصاد بالاتحاد الأوروبي للارتفاع إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 16 عامًا، ويكثف رئيس الوزراء مساعيه لحشد الدعم قبيل التصويت على الثقة في الثامن من سبتمبر.
عائدات السندات طويلة الأجل ارتفعت بين 2.6% و6% منذ 30 يونيو، لكنها تتجه نحو تسجيل أول انخفاض ربع سنوي لها منذ 2012، فيما تراجعت مكاسبها منذ بداية العام إلى 3.5%.
السندات قصيرة الأجل حققت ارتفاعًا أكبر خلال الفترة نفسها تراوح بين 7.9% و9%.
تاريخيًا، شهد شهر سبتمبر تغيرات جوهرية في السياسات النقدية، ما يدفع المستثمرين دائمًا إلى إعادة تموضع محافظهم تحسبًا لقرارات مفاجئة.
ومع تصاعد وتيرة الترقب خلال سبتمبر الجاري، تبدو الأسواق أكثر حذرًا من أي وقت مضى.
في ضوء هذه المعطيات، يبقى شهر سبتمبر اختبارًا حقيقيًا لصلابة أسواق السندات طويلة الأجل، التي تواجه خليطًا معقدًا من الضغوط المالية والاضطرابات السياسية والاقتصادية. وبينما يسعى المستثمرون إلى إعادة ترتيب محافظهم تحسبًا لمفاجآت السياسة النقدية والتجاذبات العالمية، تبدو الأسواق في حالة ترقب مشوب بالحذر.
وإذا لم تتراجع الحكومات عن سياسات الاقتراض المكثف، فقد يشهد العالم دورة جديدة من تقلبات العوائد، تجعل من سبتمبر 2025 محطة فارقة في مسار سوق السندات العالمي.