دراسات وأبحاث

"أسطول الصمود".. أكثر من 50 سفينة تنطلق تجاه غزة لكسر الحصار الإسرائيلي

الإثنين 01 سبتمبر 2025 - 12:09 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

في خطوة جديدة وصفت بأنها الأضخم منذ سنوات، أبحر أمس (الأحد) من ميناء برشلونة الإسباني "أسطول الصمود"، متجهًا إلى قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يقارب 18 عامًا، وسط مشاركة مدنية وشعبية ودولية غير مسبوقة.

الأسطول، الذي يتكون في مرحلته الأولى من 22 سفينة ترفع الأعلام الفلسطينية، يضم على متنه مئات الناشطين من 44 دولة، ويتوقع أن ينضم إليه عشرات السفن الإضافية قادمة من تونس، إيطاليا، اليونان، ودول أوروبية أخرى، ليصل العدد الكلي إلى نحو 50 سفينة، في ما يُعتبر أكبر تحرك بحري مدني منظم تجاه غزة منذ أسطول الحرية عام 2010.

رسالة ضد الصمت الدولي

انطلق الأسطول تحت شعار: "بينما يبقى العالم صامتًا، نحن نُبحر"، حاملاً مساعدات إنسانية وطبية وإغاثية حيوية لسكان قطاع غزة، الذين يواجهون أوضاعًا كارثية في ظل الحصار البحري والبري والجوي المفروض من قبل إسرائيل، والذي تفاقم بشكل غير مسبوق منذ بدء العدوان الأخير على القطاع قبل عامين.

وقال منظمو الحملة إن الأسطول يُعد "صرخة في وجه الصمت الدولي المطبق، ورسالة واضحة بأن المدنيين في غزة لهم الحق في الحياة والكرامة والحصول على الإغاثة دون قيود"، مؤكدين أن استمرار الحصار يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

أسطول الصمود العالمي» يبحر إلى غزة «لكسر الحصار» الإسرائيلي

غريتا تونبرغ تعود رغم التهديد

وتشارك في الحملة الناشطة البيئية السويدية المعروفة غريتا تونبرغ، التي كانت قد أبحرت في مايو الماضي ضمن أسطول أصغر، حيث تم احتجازها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ثم ترحيلها قسرًا.

وقالت تونبرغ في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية:

"هذه السفن لا تحمل فقط مساعدات إنسانية، بل تحمل رسالة أمل ومقاومة سلمية. نُطالب بفتح ممرات إنسانية بحرية دائمة، وإنهاء الحصار اللاشرعي وغير الإنساني عن غزة".

وأضافت الناشطة البالغة من العمر 22 عامًا، أن هذه النسخة من الأسطول تختلف عن سابقتها، "من حيث الحجم والتنسيق والدعم الشعبي والدولي غير المسبوق"، ووصفتها بأنها "تعبئة تاريخية من أجل العدالة وحقوق الإنسان".

شخصيات بارزة ودعم جماهيري واسع

ويشارك في الأسطول عدد من الشخصيات الدولية المؤثرة، من بينهم الممثل الإسباني إدوارد فيرنانديز، المعروف بمواقفه المناصرة للقضايا الإنسانية، إضافة إلى برلمانيين أوروبيين وحقوقيين وممثلي منظمات إنسانية.

وعشية انطلاق الأسطول، شهدت مدينة برشلونة فعالية شعبية حاشدة حضرها نحو 30 ألف شخص، عبّروا خلالها عن تضامنهم مع غزة ورفضهم لسياسات الحصار، كما شهدت الفعالية عروضًا فنية وكلمات لعدد من الشخصيات المشاركة في الرحلة البحرية.

شبكة العودة الإخبارية - السلطات المصرية تحتجز وترحل عشرات المشاركين في "قافلة  الصمود" المتجهة إلى غزة

تنسيق دولي وتحالفات مدنية

تُنظم الحملة بالتنسيق بين عدد من المبادرات الدولية، أبرزها:

تحالف أسطول الحرية (Freedom Flotilla Coalition)

الحركة العالمية إلى غزة (Global Gaza Movement)

قافلة الصمود

منظمة صمود نوسانتارا الماليزية

ويهدف التحالف إلى فتح ممرات بحرية إنسانية آمنة نحو غزة، بعيدًا عن المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل، في ظل ما تقول منظمات أممية إنه "خطر وشيك للمجاعة في القطاع بسبب نقص الغذاء والدواء والوقود والمياه النظيفة".

ردود فعل دولية وترقب في المنطقة

تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد الضغوط على إسرائيل من منظمات حقوق الإنسان الدولية، التي طالبت برفع الحصار فورًا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

ويُتوقع أن يتعرض الأسطول لمحاولات اعتراض من قبل البحرية الإسرائيلية، كما حدث في حملات سابقة، أبرزها أسطول "مافي مرمرة" عام 2010، الذي تعرض لهجوم أسفر عن مقتل عشرة نشطاء أتراك، ما أثار أزمة دبلوماسية كبرى حينها.

حتى اللحظة، لم تصدر الحكومة الإسرائيلية ردًا رسميًا على تحرك "أسطول الصمود"، إلا أن مصادر عبرية نقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم إن "أي محاولة لاختراق الحصار سيتم التعامل معها بمنتهى الحزم".

مصر رفضت منذ 10 أيام.. كواليس جديدة للتواصل بين قافلة الصمود والقاهرة - RT  Arabic

 الأمل يُبحر

في مواجهة صمت العالم، يبحر "أسطول الصمود" محملًا بالأمل والتضامن الإنساني، ليُعيد تسليط الضوء على واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في العالم. وبينما تتجه الأنظار إلى البحر الأبيض المتوسط، يُعلّق أهالي غزة آمالهم على هذا التحرك الشعبي الدولي، كخطوة نحو كسر الحصار المفروض عليهم، واستعادة جزء من كرامتهم الإنسانية المسلوبة.