أعربت إثيوبيا عن استيائها من استعداد مصر لنشر قوات عسكرية في الصومال، ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، وذلك عقب إعلان وزارة الدفاع الصومالية ختام أول دورة تدريبية لوحدات من القوات المصرية تمهيدًا لانضمامها رسميًا إلى البعثة في الفترة المقبلة.
وقال السفير الإثيوبي في مقديشو، سليمان ديديفو، إن دخول القوات المصرية يشكل "تحديًا سياسيًا واستراتيجيًا" للقوات الإثيوبية المنتشرة هناك منذ عام 2014، مشددًا على أن أديس أبابا قادرة على حماية مصالحها. وجاءت هذه التصريحات في وقت حساس يشهد تصاعدًا في التوتر بين القاهرة وأديس أبابا بسبب ملف سد النهضة، ما جعل المراقبين يربطون بين القضيتين.
من الجانب المصري، رفضت شخصيات بارزة تلك الانتقادات، حيث أكد النائب مصطفى بكري أن مشاركة مصر في البعثة الأفريقية جاءت بناءً على طلب رسمي من الحكومة الصومالية وموافقة الاتحاد الأفريقي، نافياً وجود أي علاقة بين الخطوة المصرية وبين سد النهضة. كما شدد السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، على أن الوجود المصري في الصومال يستند إلى اتفاقيات قانونية وشرعية، مؤكداً أنه لا يحق لإثيوبيا التدخل في قرار سيادي يتعلق بالتعاون الثنائي بين دولتين مستقلتين.
ويرى خبراء أن القلق الإثيوبي يعكس حساسية أديس أبابا تجاه أي دور مصري في منطقة القرن الأفريقي، حيث تعتبر نفسها قوة إقليمية مهيمنة. وقد ظلّت القوات الإثيوبية لاعبًا رئيسيًا في الصومال منذ أكثر من عقد، بداية من تدخلها العسكري في 2006 ضد "المحاكم الإسلامية"، مرورًا بمشاركتها الواسعة في بعثة الاتحاد الأفريقي التي تهدف إلى دعم الحكومة الصومالية في مواجهة الإرهاب، خصوصًا حركة الشباب.
وفي المقابل، تؤكد مقديشو أن التعاون مع القاهرة يهدف في المقام الأول إلى بناء قدرات الجيش الوطني الصومالي، وتعزيز جهوده في استعادة الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب.
وترى الحكومة الصومالية أن الخبرة العسكرية المصرية في حفظ السلام ستشكل إضافة نوعية للبعثة الأفريقية، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات أمنية معقدة.
ويعتبر محللون أن التوتر الحالي جزء من الصراع الأوسع بين مصر وإثيوبيا حول النفوذ في شرق أفريقيا. ففي الوقت الذي تسعى فيه القاهرة لتأكيد حضورها الاستراتيجي عبر بوابة الصومال، تنظر أديس أبابا بعين الريبة لأي تحرك مصري قد يُفسر كأداة ضغط في أزمة سد النهضة.
ومع استمرار الخلاف حول السد دون حل نهائي، تبدو الساحة الصومالية مرشحة لأن تكون ساحة جديدة لشد وجذب بين البلدين، في وقت يحتاج فيه الصومال بشدة إلى دعم خارجي متوازن يساعده على استعادة الاستقرار.