آراء وأقلام

د. جبريل العبيدي يكتب: «الدولة الفلسطينية لا تُمحى»

الخميس 28 أغسطس 2025 - 07:43 ص
د. جبريل العبيدي
د. جبريل العبيدي

قول وزير المال الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش في حكومة حرب بنيامين نتنياهو: إن «الدولة الفلسطينية لا تُمحى بالشعارات؛ بل بالأفعال» -بعد الإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية التي تفصل الضفة الغربية عن القدس الشرقية- لا يمكن أن يمحوها، لا بأقواله، أو بأفعال غيره، وهذا يؤكد أن فكرة دفن الدولة الفلسطينية ليست مجرد فكرة، بل هي سياسة ممنهجة تعتمد استخدام الجغرافيا، والديموغرافيا لعرقلتها، وجعل قيام الدولة الفلسطينية شبه مستحيل جغرافياً، في حين أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتبرر إسرائيل ذلك بروابط تاريخية.

وصرح نتنياهو قائلاً: «قلت قبل 25 سنة إننا سنفعل كل شيء من أجل تأمين قبضتنا على أرض إسرائيل، من أجل منع إقامة دولة فلسطينية، من أجل منع محاولات اقتلاعنا من هنا... وقد أوفينا بما وعدت به». وهذا قول كبير حكومة التطرف الذي علم سموتريتش، وأمثاله.

لعل صدور خريطة طريق تتضمن رؤيةً متكاملةً لكيفية إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي -عبر حل الدولتين على أن يترك للطرفين التفاوض حول حدود الدولة الفلسطينية، وملف الاستيطان، ومصير القدس- سيمكن الدول ويشجعها على الانخراط فيها.

فمؤتمر حل الدولتين وتسوية الصراع -الذي عقد برعاية السعودية وفرنسا، والذي تمخضت عنه خريطة طريق، ووثيقة في اجتماع نيويورك- هو الحل الأمثل والناجع للصراع في الشرق الأوسط، وغير ذلك هو مجرد حرث في البحر من دون طائل.

والواقع أن إسرائيل تسلك سياسات تقوقع مجتمعي تمنع الاندماج في دولة واحدة، والجدار الفاصل الذي تحاول الحكومة الإسرائيلية تسويقه للعالم على أنه جدار أمني، ما هو في الواقع إلا جدار لاعتقال شعب جائع ومشرد منذ أكثر من خمسين عاماً، ومناخ عنصري متطرف أنتج عنصرية وعصبية صهيونية، يغذي هذا المناخ موروث ديني عنصري مضلل يمنع الاندماج في دولة واحدة، إذ تسوّق له مؤسسة صهيونية وغيرها الكثير تنظر للبشر على أنهم كائنات دنيا.

فالمتطرفون اليهود لا يؤمنون بالتآخي، ولا بالسلام، ولا بدولة فلسطينية على أرض يؤمنون ويصرون على أنها أرض توراتية، ويسمونها «يهودا والسامرة»، ومن هذا المنطلق هناك استحالة البقاء في دولة واحدة، لكن الواقعية السياسية تؤكد أن الحل هو في الدولتين، وأن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تمحى كما توهم البعض.

نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط