تتزايد الضغوط على زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، مع اقتراب ملامح صفقة سلام مُحتملة، لكنها تحمل في طياتها كُلفة سياسية عالية. فبينما يُصرّ الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، على تسوية عاجلة للحرب، يخشى «زيلينسكي» من أن تُفرض عليه تسوية قد تُضعف موقفه داخليًا وتُرضي «الكرملين».
وفي هذا الصدد، أفادت وكالة "بلومبرغ"، بأن فلاديمير زيلينسكي يواجه معضلة عشية لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويقف أمام خيارين: إما المخاطرة بإثارة غضب ترامب أو قبول صفقة سلام سريعة لأوكرانيا.
ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع أن أهداف زيلينسكي من هذا اللقاء تتمثل في "معرفة المزيد عن مطالب روسيا، وتحديد موعد للقاء ثلاثي مع ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك دفع الولايات المتحدة لفرض عقوبات على روسيا".
وأشارت الوكالة إلى أن القادة الأوروبيين الذين سيرافقون زيلينسكي لا يملكون أدوات تأثير حاسمة على ترامب، كما أن هناك خلافات بينهم هم أنفسهم.
وتتوقع الوكالة أن يحاول محيط زيلينسكي معرفة المزيد عن الضمانات التي قد تكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديمها كجزء من الصفقة.
ونقلت قناة "سي إن إن" عن مصادر أن لقاء ترامب مع زيلينسكي في 18 أغسطس بواشنطن سيحضره نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الذي سبق أن تورط في مشادة مع زيلينسكي.
كما أعلن عن مشاركته في اللقاء كل من المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام لحلف الناتو مارك روته.
وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة "بيلد" نقلا عن مصادر أن ترامب سيلتقي أولا بشكل منفرد مع زيلينسكي قبل أن يجتمع مع القادة الأوروبيين.
من ناحية أخرى، خرج الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، من قمة بلا صفقة، لكنه لم يخرج بصمت. فبدلًا من شرح إخفاقات القمة، شن هجومًا عنيفًا على الإعلام الأمريكي، مُوجهًا إليه الاتهامات بتقويض جهود التفاوض من خلال التركيز على المكان بدلاً من الجوهر.
وفي هذا الصدد، هاجم دونالد ترامب، "وسائل الإعلام الكاذبة" بشأن مكان انعقاد قمته مع الروسي فلاديمير بوتين، مؤكدا أن اختيار ولاية ألاسكا كمكان للقاء كان محل خلاف.
وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال": "وسائل الإعلام الكاذبة تردد منذ ثلاثة أيام أنني منيت 'بهزيمة كبرى' بسماحي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعقد قمة مهمة في الولايات المتحدة. في الواقع، كان يفضل عقد هذا الاجتماع في أي مكان آخر غير الولايات المتحدة، ووسائل الإعلام الكاذبة تعلم ذلك. كان هذا أحد النقاط الرئيسية للخلاف".
وأضاف ترامب أنه لو عُقدت القمة في مكان آخر، لقالت "وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الديمقراطيون إن هذا أمر فظيع". واختتم بالقول: "هؤلاء الناس غير طبيعيين! أقولها بكل بساطة".
وسبق أن وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادات شديدة لوسائل الإعلام التي وصفها بـ"غير النزيهة أبداً"، وذلك قبيل قمته المقررة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال"، إن هذه الوسائل "ستنتقد أي صفقة أبرمها مع روسيا"، مستشهدا بمثال افتراضي: "حتى لو حصلتُ على موسكو ولينينغراد (سان بطرسبورغ) مجانا ضمن هذه الصفقة لقالت 'الأخبار المزيفة' إنها صفقة سيئة!".
وأعرب ترامب عن غضبه من استمرار وسائل الإعلام في اقتباس آراء "فاشلين مطرودين وأشخاص أغبياء حقا مثل جون بولتون"، مستشهدا بتصريحات مستشاره السابق التي ادعى فيها أن "بوتين انتصر فعلا رغم أن الاجتماع سيعقد على الأراضي الأمريكية".
يُذكر أنه في 15 أغسطس الجاري، عُقد لقاء بين بوتين وترامب في القاعدة العسكرية "إلمندورف-ريتشاردسون" بألاسكا. واستمر اللقاء نحو ثلاث ساعات: بدأ بجلسة ثنائية في ليموزين الرئيس الأمريكي أثناء الطريق إلى مكان المفاوضات الرئيسي، ثم جلسة ضيقة بنظام "ثلاثة مقابل ثلاثة".
ومثّل الجانب الروسي في الاجتماع أيضا مساعد الرئيس يوري أوشاكوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف، فيما حضر من الجانب الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص للرئيس ستيف ويتكوف. وفي بيان صحفي ختامي، أعلن بوتين أن تسوية النزاع الأوكراني كانت الموضوع الرئيسي للقمة.
من ناحية أخرى، في ظل التوتر الُمستمر بين روسيا وأوكرانيا، وضع الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، ثُقله خلف احتمال تفاهم قريب بين «بوتين وزيلينسكي»، مُعتبرًا أن الحل السياسي ما زال مُمكنًا.