دخلت الأزمة الأوكرانية الروسية مرحلة جديدة بعد القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي كشفت عن طرح روسي مثير للجدل يقضي بتنازل كييف عن إقليم دونباس مقابل تجميد خطوط القتال جنوباً.
في المقابل، جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفضه القاطع لأي تنازل إقليمي، مؤكداً أن الانسحاب من دونباس سيشكل تهديداً مباشراً لأمن أوكرانيا ويفتح الباب أمام موجة جديدة من التصعيد العسكري.
وبحسب مصادر أوروبية مطلعة على تفاصيل الاجتماع، فقد طالب بوتين بانسحاب أوكرانيا من إقليم دونباس الشرقي بما يشمل مدينتي دونيتسك ولوغانسك، فضلًا عن الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، الأمر الذي من شأنه حرمان كييف من منفذها على بحر آزوف. وفي المقابل، عرض الكرملين وقف التقدم العسكري في جبهات خيرسون وزاباروجيا، والتفاوض بشأن مصير خاركيف وسومي، إلى جانب تعهد بعدم مهاجمة أوكرانيا أو أي دولة أوروبية أخرى مستقبلًا.
إلا أن هذه الطروحات قوبلت برفض قاطع من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي شدد على أن أي انسحاب من دونباس سيعني تقويض خطوط الدفاع الأوكرانية، وفتح الطريق أمام هجمات روسية جديدة نحو قلب البلاد. وأكد زيلينسكي أن قضايا الأراضي لا يمكن مناقشتها إلا بعد وقف شامل لإطلاق النار، مشددًا على ضرورة أن تكون الضمانات الأمنية لأوكرانيا جزءًا أساسيًا من أي اتفاق سلام محتمل.
وفي الوقت نفسه، أبدى الرئيس ترامب انفتاحًا على تقديم ضمانات أمنية أمريكية لكييف في حال انتهاء الحرب، إلا أن تفاصيل هذه الضمانات لا تزال غير واضحة. ويرى مراقبون أن الموقف الأمريكي يتأرجح بين الرغبة في إنهاء النزاع وبين الحذر من الدخول في التزامات قد تُفهم على أنها مواجهة مباشرة مع روسيا.
من جهته، صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن بوتين "لا يسعى إلى السلام بل إلى استسلام أوكرانيا"، مؤكدًا أن أي تسوية يجب أن تقوم على أسس القانون الدولي واحترام سيادة الدول. وهو موقف يعكس تزايد التباين بين الرؤية الأوروبية والطرح الروسي، خاصة مع استمرار إصرار موسكو على شروط تعتبرها كييف ومعظم العواصم الغربية غير مقبولة.
وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية، تبقى الأزمة رهينة حسابات ميدانية وسياسية معقدة، تجعل من أي تسوية قريبة أمرًا محفوفًا بالتحديات، في ظل إصرار أوكرانيا على الدفاع عن أراضيها، وتمسك روسيا بمكاسبها الاستراتيجية.