تشهد «الأسواق العالمية» حالة من التوتر المتصاعد نتيجة إعلان الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، عن فرض رسوم جمركية جديدة على مجموعة من السلع المستوردة. هذه الخطوة أثارت مخاوف واسعة بين المستثمرين والمحللين الاقتصاديين، الذين يرون في هذه السياسات عائقًا أمام تعافي الاقتصاد العالمي واستقرار سلاسل الإمداد الدولية. تتجه الأنظار الآن نحو ردود فعل الأسواق المالية وتأثير هذه الرسوم على التجارة العالمية والاقتصاد العالمي بشكل عام.
وتُعاني الأسواق المالية العالمية من حالة ارتباك نتيجة التحديثات المُفاجئة والمُتكررة للرسوم الجمركية التي يُعلنها «البيت الأبيض»، والتي تفتقر غالبًا إلى التفاصيل الواضحة. وأشار موقع «أكسيوس» الأمريكي، إلى أن هذه السياسات تُثير مخاوف المستثمرين وصناع السياسات، مما ينعكس على تحركات حادة في أسعار السلع.
ويُواصل البيت الأبيض إصدار بيانات شاملة عن فرض رسوم جمركية على نطاق واسع، لكن هذه البيانات تفتقر في البداية إلى التفاصيل الدقيقة، ما يضطر المستثمرين إلى التحرك بسرعة للبحث عن المعلومات وتقدير أثر القرارات على قطاعاتهم. وفي كثير من الأحيان، تأتي التوضيحات أو الاستثناءات بعد أيام من الإعلان الأولي.
وبحسب «أكسيوس»، فإن الدول الشريكة في الاتفاقيات التجارية مع واشنطن تُفاجأ أحيانًا بهذه القرارات. فقد نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن النائب الياباني تارو كونو قوله في مؤتمر صحفي: «واشنطن تُطلق النار عشوائيًا، وهم يُطلقون النار على بعض الدول ذات التفكير المماثل من الخلف».
وذكر «أكسيوس»، أن اليابان كانت تعتقد أنها ستخضع لتعريفة جمركية بنسبة (15%) على جميع السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة، لكن اتفاقيات الرسوم الجمركية التي عقدها الاتحاد الأوروبي أوحت بأن الرسوم على بعض السلع اليابانية قد تكون أكبر بكثير. وأفاد مسؤولون يابانيون أن البيت الأبيض وعد بتصحيح هذا الوضع، إلا أن موعد التنفيذ ما زال غير واضح.
وتزايدت حالة الارتباك التي حدثت خلال الأيام الماضية، بعد أن أشارت تقارير إلى أن سبائك الذهب المستوردة من سويسرا ستخضع لرسوم جمركية، ما دفع «أسعار الذهب» إلى تسجيل مستوى قياسي جديد. وفي مساء يوم الجمعة، أصدر البيت الأبيض إيضاحًا بأنه سيتم إصدار أمر رسمي لتوضيح الأمر في وقت لاحق.
وقالت هنريتا تريز، مديرة أبحاث السياسة الاقتصادية في شركة «فيدا بارتنرز»، وفقًا لموقع «أكسيوس»، إن ما وصفته بـ«الارتباك الجماعي» ظهر في عدة أحداث مُحددة الشهر الماضي، وأسهم في هز الأسواق المالية بشكل متكرر.
وهناك أمثلة على هذا الارتباك، منها البضائع المُعاد شحنها عبر دول مُتعددة كانت في البداية خاضعة لتعريفة (40%)، ثم خُفضت إلى (20%). كما شهد سوق النحاس أكبر انخفاض يومي بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعفاء أشكال مُهمة من المعدن من الرسوم البالغة (50%).
أيضًا الرقائق غير الأمريكية كان من المقرر فرض رسوم بنسبة (100%) عليها، لكن القرار استثنى الشركات التي تستثمر داخل الولايات المتحدة، مثل شركة «أبل» التي أعلنت استثمارًا بقيمة (100 مليار دولار).
ووفقًا لـ«أكسيوس»، فإن النمط المُعتاد يتمثل في إعلان البيت الأبيض عن فرض رسوم جمركية عامة دون تفاصيل مكتوبة، وسط سعي المستثمرين والمديرين التنفيذيين وصناع القرار لفهم أثر القرارات على قطاعاتهم، وانتقال الأموال بسرعة بين الأسواق وسط حالة من القلق، مع صدور توضيحات من البيت الأبيض، ما يُؤدي إلى تراجع حدة ردود الفعل في الأسواق.
ولفت «أكسيوس» إلى وجود قضيتين أمام القضاء الأمريكي قد تحدان من سُلطة الرئيس في استخدام الصلاحيات الطارئة لفرض الرسوم الجمركية. وإذا صدر حكم بهذا الاتجاه، فقد يقل أثر الرسوم الجمركية على أساس البلد، بينما يظل أثرها على أساس القطاع مُثار قلق كبير.
وتتوقع «هنريتا تريز» صدور حكم بشأن هذه القضايا خلال أسبوع أو أسبوعين، مُحذرة من أن النتيجة قد تُؤدي إلى عمليات بيع واسعة في الأسواق.
وفي ظل استمرار السياسات الجمركية التي يتبعها الرئيس «ترامب»، تظل الأسواق العالمية في حالة من الترقب والقلق، حيث تُعزز هذه الرسوم المخاطر الاقتصادية وتزيد من عدم اليقين في بيئة الاستثمار العالمية. ومن المتوقع أن تستمر التقلبات والتأثيرات السلبية على التجارة الدولية والاقتصاد العالمي ما لم تُتخذ خطوات واضحة نحو التهدئة والحوار التجاري. يبقى التوازن بين حماية المصالح الوطنية والحفاظ على استقرار الأسواق الدولية التحدي الأكبر الذي يُواجه الإدارة الأمريكية في المرحلة المُقبلة.