دراسات وأبحاث

انتخابات مجلس الشيوخ المصري.. مشاركة واسعة رغم الحرارة وتأهب لمرحلة سياسية جديدة

الإثنين 04 أغسطس 2025 - 07:02 م
مصطفى سيد
الأمصار

في مشهد ديمقراطي يعكس حيوية الشارع السياسي المصري، انطلقت صباح الإثنين 4 أغسطس 2025، عملية التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ، وسط أجواء شديدة الحرارة لم تمنع الناخبين من التوافد إلى اللجان، في مشهد يعبّر عن الإيمان بالدور الدستوري للمجلس كأحد غرفتي البرلمان المصري.

بداية قوية.. وظهور بارز للمسؤولين في الساعات الأولى

وشهدت ساعات الصباح الأولى إقبالًا ملحوظًا في عدد كبير من اللجان بمحافظات الجمهورية، حيث تصدر المسؤولون الحكوميون، في مقدمتهم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مشهد المشاركة عبر الإدلاء بأصواتهم، داعين المواطنين إلى النزول والمشاركة بوصفها "واجبًا وطنيًا واستحقاقًا ديمقراطيًا".

وشهدت لجان مدارس مدينة الشيخ زايد، والزمالك، والمعادي، والتجمع الخامس، ووسط القاهرة، مشاهد مماثلة، حيث حضر كبار المسؤولين وقيادات حزبية وشخصيات عامة، في رسائل دعم واضحة لعملية الانتخاب.

مجلس الشيوخ.. غرفة المشورة التشريعية والتوازن المؤسسي

ويُعد مجلس الشيوخ أحد الغرفتين البرلمانيتين في مصر، ويضم 300 عضوًا، يُنتخب منهم 200 بنظامي الفردي والقوائم المغلقة، بينما يُعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي. 

ويضطلع المجلس بمهمة تقديم الرأي في مشروعات القوانين والخطط العامة، إلى جانب دعم العملية التشريعية.

ويأتي تشكيل المجلس في هذه الدورة في ظل تحديات إقليمية واقتصادية كبيرة، ما يضفي على اختيار أعضائه أهمية خاصة لضمان الاستقرار ودعم مؤسسات الدولة.

تجهيزات انتخابية ولوجستية غير مسبوقة

وأكدت الهيئة الوطنية للانتخابات، في وقت سابق، أنها أنهت جميع الاستعدادات الفنية واللوجستية لضمان سير العملية الانتخابية بشكل نزيه وشفاف، حيث تم تجهيز أكثر من 11 ألف لجنة فرعية، بإشراف قضائي كامل، وتم تزويدها بكافة الوسائل التكنولوجية لضمان دقة الفرز.

وتمت الاستعانة بفرق الدعم الفني لتيسير مشاركة الناخبين إلكترونيًا، خاصة ممن سجلوا رغبتهم في التصويت باستخدام بطاقات الرقم القومي دون الحاجة لموطن انتخابي.

وكان لافتًا حجم مشاركة المرأة وكبار السن في الساعات الأولى، خاصة في لجان الجيزة والقاهرة والمنوفية. وحرصت الجهات المنظمة على توفير تجهيزات خاصة داخل اللجان لتيسير التصويت، منها:

وخصص المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة فرق متابعة ميدانية للتأكد من تنفيذ تلك الإجراءات بشكل فعلي، ضمن جهود تعزيز الدمج والمشاركة السياسية لكافة فئات المجتمع.

الانتخابات في المحافظات.. مشهد متنوع وإجراءات تنظيمية مشددة

وفي المحافظات، تفاوتت كثافة المشاركة بحسب المناطق. ففي الصعيد، شهدت محافظات سوهاج وأسيوط والأقصر حضورًا لافتًا منذ الساعات الأولى، مدفوعًا بطبيعة التكتلات العائلية والعشائرية التي تؤثر بقوة في المنافسات الفردية.

أما في الدلتا، فقد سجّلت محافظات كفر الشيخ والدقهلية والبحيرة إقبالًا كبيرًا في مناطق الريف والمراكز، بدعم من تحركات الأحزاب، خصوصًا في القوائم المغلقة.

وفي شمال سيناء، فتحت اللجان أبوابها وسط إجراءات أمنية مُشددة، مع مشاركة مشرفة من أهالي المحافظة الذين تحدّوا ظروف النزوح والحرب على الإرهاب.

وواكب انطلاق العملية الانتخابية حضور أكثر من 400 مراسل محلي ودولي، إلى جانب بعثات من منظمات دولية معتمدة، مثل الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية. وأشاد عدد من المراقبين بسلاسة الإجراءات وشفافية التنظيم في اليوم الأول.

كما خصصت الهيئة الوطنية غرفة عمليات مركزية لمتابعة سير العملية وتلقي الشكاوى، مع خطوط ساخنة للإبلاغ عن أي خروقات.

وتُعد هذه الانتخابات اختبارًا حقيقيًا للأحزاب السياسية في مصر، التي تسعى لاستعادة ثقة الشارع، بعد تراجع دور بعضها في السنوات الأخيرة. 

وتتنافس الأحزاب على إثبات الحضور في المجلس من خلال القوائم المغلقة، والتحالفات المحلية على المقاعد الفردية.

ويبرز حزب "مستقبل وطن" كأكبر الكتل المتنافسة، مدعومًا بتحالفات مع أحزاب أخرى، في مقابل منافسة من بعض المستقلين وممثلي الأحزاب المعارضة.

ومع انتهاء اليوم الأول من التصويت، أشارت مصادر من الهيئة الوطنية إلى أن نسبة المشاركة جاءت "مُرضية" رغم الطقس الحار، وسط توقعات بزيادة الإقبال في اليوم الثاني، لا سيما من الشباب بعد انتهاء الدوام الدراسي في بعض الجامعات والمعاهد.

ويُنتظر أن تُعلن النتائج الرسمية خلال أسبوع من غلق صناديق الاقتراع، يليها صدور القرار الجمهوري بتعيين 100 عضو لاستكمال تشكيل المجلس.