سلطت صحيفة لا ديمقراطا الإسبانية الضوء على الوضع المأساوى في غزة، وحذرت منظمات دولية بارزة، من بينها أطباء بلا حدود، الصليب الأحمر، والأمم المتحدة، من تصاعد كارثي لأزمة الجوع في قطاع غزة، مؤكدين أن سوء التغذية بات يهدد حياة آلاف السكان، خاصة الأطفال والنساء، وسط حصار خانق ونقص حاد في الغذاء والمياه.
وقالت الصحيفة إن الوضع في غزة أصبح غير مقبول على الإطلاق، فهناك الألاف من الأشخاص مهددون بالموت "جوعا"، مشيرة إلى تقارير منظمة أطباء بلا حدود، يعاني ربع الأطفال دون سن الخامسة الذين يتلقون مساعدات منها من سوء تغذية حاد، إضافة إلى عدد متزايد من النساء الحوامل والمرضعات، وتشير المنظمة إلى أن عدد الحالات تضاعف أربع مرات خلال شهرين فقط في عياداتها بـ غزة، وثلاث مرات إضافية خلال الأسبوعين الأخيرين بين الأطفال تحديدًا.
وقالت أماندي بازيرول، منسقة الطوارئ في غزة: "ما نراه يفوق الوصف.. شعب بأكمله يُجبر على الجوع، في ظل قصف مستمر ونقص قاتل في الموارد، بينما يتصارع الناس على فتات الطعام في مراكز التوزيع".
وفي تأكيد آخر على خطورة الوضع، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن حتى موظفيها باتوا يعانون من صعوبة في تأمين المياه النظيفة والغذاء.
وصرحت رئيسة اللجنة، ميريانا سبولياريتش، قائلة: "كل تردد سياسي الآن، وكل محاولة لتبرير ما يحدث، ستُسجل كعار على ضمير الإنسانية".
من جانبه، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن الفئات الأشد ضعفًا – كالنساء والأطفال وكبار السن والمرضى – هم الأكثر تضررًا، وذكر أنه من أصل 15 محاولة لتوزيع مساعدات إنسانية الخميس الماضي، لم يُصرح إلا بخمس فقط.
ويهدد النقص الحاد في الوقود قدرة المؤسسات على تشغيل المطابخ المجتمعية ومحطات معالجة المياه، مما يعمق من أزمة الجوع في القطاع.
ودعا المكتب الإنساني إسرائيل إلى إعادة فتح المعابر الحدودية بشكل عاجل، للسماح بإدخال الإمدادات الإنسانية العالقة.
الوضع في غزة بلغ مرحلة حرجة، والمنظمات الدولية تُجمِع: لا وقت للمماطلة، ولا بد من تحرك فوري لإنقاذ الأرواح.
كشفت شبكة CNN الأمريكية، نقلًا عن شهادات لأطباء في قطاع غزة، عن أوضاع نفسية وصحية كارثية يعيشها الطاقم الطبي، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من تسعة أشهر.
وأفادت شبكة أن العديد من الأطباء يعانون من أعراض الاكتئاب الشديد، وعدم القدرة على التركيز، وفقدان مؤقت للذاكرة، نتيجة الإرهاق النفسي والجسدي والجوع المزمن. ونقلت عن مصادر طبية أن اثنين من الأطباء سقطا مغشيًا عليهما خلال إجراء عمليات جراحية هذا الأسبوع بسبب الجوع والإنهاك، ما يعكس مدى تدهور الأوضاع داخل المستشفيات.
وأضافت الشهادات أن الفرق الطبية تعمل تحت ضغط غير مسبوق، في بيئة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الرعاية الطبية والإنسانية، مع شح في الأدوية والمستلزمات والوقود وانقطاع مستمر للكهرباء.
تأتي هذه التطورات في ظل حصار خانق تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، حيث تمنع دخول الوقود والمساعدات الغذائية والطبية، وسط تحذيرات متكررة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من انهيار النظام الصحي بالكامل.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت مرارًا أن مستشفيات القطاع أصبحت عاجزة عن أداء مهامها، بسبب نفاد الأدوية والمعدات وتوقف المولدات الكهربائية، وسط استمرار تدفق أعداد كبيرة من الجرحى والمصابين.
حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من أن الأوضاع الإنسانية والصحية في قطاع غزة وصلت إلى مستوى بالغ الخطورة، مؤكدة أن ما يتعرض له سكان القطاع يمثل "تجويعًا متعمدًا" يطال كل الفئات، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود.
وقالت مديرة المكتب الإعلامي الإقليمي للمنظمة، في تصريحات لقناة الجزيرة، إن قطاع غزة يواجه كارثة إنسانية شاملة، بينما يعاني النظام الصحي من انهيار شبه كامل، حيث تعمل المستشفيات بأقل من طاقتها، وتعجز عن تقديم الرعاية الأساسية للمرضى والمصابين.
ودعت المسؤولة إلى السماح الفوري بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية عبر جميع المعابر دون استثناء، مشيرة إلى أن الوضع على الأرض يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، في ظل تعنت الاحتلال في السماح بمرور الإمدادات، مما يؤدي إلى موت بطيء لمئات الآلاف من السكان.
وانتقدت "أطباء بلا حدود" الاكتفاء الدولي بإصدار بيانات الشجب والإدانة، مؤكدة أن الوقت حان لتحرك جاد يترجم هذه المواقف إلى خطوات عملية توقف معاناة المدنيين، الذين يدفعون ثمن الحصار والعدوان.