الخليج العربي

وكالة البحرين للفضاء تقدم نموذجًا عربيًا ناجحًا في التخطيط الاستراتيجي الفضائي

السبت 26 يوليو 2025 - 10:26 م
أحمد مالك
الأمصار

نظّمت وكالة البحرين للفضاء، بالشراكة مع المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء لغرب آسيا التابع للأمم المتحدة، في إطار تعزيز التعاون العربي الفضائي، ورشة علمية بعنوان "التخطيط الاستراتيجي للبرامج الفضائية: التجربة البحرينية كنموذج".

وشهدت الورشة إقبالًا لافتًا من ممثلي عدد من الدول العربية، في خطوة تهدف إلى توحيد الرؤى وتعزيز التكامل الإقليمي في قطاع الفضاء.

استهلّ الورشة المهندس يعقوب القصاب – أخصائي هندسة فضائية – باستعراض تاريخ مملكة البحرين في استغلال تقنيات الفضاء، ومن ثم إطار السياسة الوطنية للفضاء، وآلية تنفيذ الخطة الاستراتيجية الثالثة للوكالة 2024–2028، والتي تمّ صياغتها لتحقيق المتطلبات الوطنية وأهداف التنمية المستدامة عبر الاستغلال الأمثل لعلوم وتقنيات الفضاء. كما سلّط الضوء على أبرز عناصر النجاح، وفي مقدّمتها التعاون الدولي، والاستثمار في البحث العلمي، وبناء القدرات الوطنية، وضرورة وجود بيئة وبنية تحتية داعمة للمشاريع الفضائية.

بعد ذلك، قدّمت المهندسة عائشة الحرم – رئيس قسم تصميم وبناء الأقمار الصناعية – دراسة تطبيقية حول تحويل الاستراتيجيات إلى مشاريع ملموسة، مستشهدةً بنجاح مشروعي القمر الصناعي البحريني الإماراتي "ضوء 1" (2021)، والقمر الوطني "المنذر" (2025)، الذي يُعدّ الأول عربيًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي المدمجة، مؤكدةً دور الكفاءات البحرينية الشابة في تنفيذ هذه المشاريع بكل اقتدار.

كما كشفت عن منهجية البحرين في الربط بين التخطيط الاستراتيجي وتطبيقات الفضاء العملية، ومنها توظيف بيانات الأقمار في رصد التحديات البيئية، وإنشاء مختبر لتحليل الصور الفضائية يدعم صناعة القرار في التخطيط الحضري وإدارة الكوارث، مؤكدةً أهمية التعاون الدولي الواسع مع وكالات الفضاء.

التجربة البحرينية

وتضمنت الورشة كذلك استعراض جهود الوكالة في التخطيط للبرامج التدريبية، وزيادة نشر الوعي المجتمعي، واستمرارية قياس الأثر لمبادراتها، بالإضافة إلى تقديم توصيات عملية لتخطيط البرامج التدريبية، والتي شكّلت ركيزة أساسية في نجاح التجربة البحرينية في بناء القدرات الوطنية بقطاع الفضاء.

وقد لاقت التجربة البحرينية إشادة كبيرة من المشاركين، الذين دعوا إلى توسيع نطاق ورش التوعية ليشمل المناهج المدرسية العربية، مستلهمين من برامج التوعية التي تنفذها وكالة البحرين للفضاء، الناجحة في نشر الثقافة الفضائية بين الطلبة. كما اقترح عدد من المشاركين إنشاء منصة عربية موحدة لتبادل المعرفة في قطاع الفضاء، مدعومة بنموذج البحرين في إدارة المشاريع.

وفي هذا الصدد، صرّح ممثل المركز الإقليمي: "تُعدّ مملكة البحرين شريكًا استراتيجيًا في تعزيز قدرات المنطقة في مجال الفضاء، وسنعمل معًا على تطوير برامج تدريبية جديدة تستند إلى خبراتها الواسعة والمتنوعة، والتي أثبتت تميّزها وإمكانية تكيّفها مع احتياجات دول المنطقة".

في ختام الورشة، تمّ دعوة الدكتور محمد إبراهيم العسيري، الرئيس التنفيذي للوكالة، لإلقاء كلمة، حيث أكّد أن هذا التعاون يُجسّد روح التضامن العربي، مشيرًا إلى أن من مشاريع الوكالة ما تنفّذه كفاءات بحرينية شابة، ومعربًا عن شكره وتقديره للمركز الإقليمي على إتاحة هذه الفرصة لتبادل الخبرات ومشاركة التجارب وقصص النجاح، بما يُسهم في تحفيز المشاركين للبدء في الاستفادة من الأفكار المقدّمة خلال الورشة، وتنفيذ ما يناسبهم منها في بلدانهم، بما يحقق تقدّمًا عربيًا ملموسًا في أحد ميادين علوم المستقبل.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الورشة هي الثانية من نوعها بين الجانبين خلال هذا العام، ما يعكس عمق الشراكة مع المركز الإقليمي – أحد ستة مراكز تابعة للأمم المتحدة في علوم الفضاء – وقد سبق أن استضاف المركز عددًا من الفعاليات وورش العمل بهدف تعزيز التكامل التقني العربي في هذا المجال.

واختُتمت الورشة بالتأكيد على أن هذه التجربة تُجسّد مكانة البحرين كنموذج ريادي في التخطيط الفضائي الإقليمي، بعد أن حققت وكالة البحرين للفضاء خلال السنوات الخمس الأخيرة إنجازات بارزة على الصعيد التقني والعلمي والبحثي والقيادي في مجال الفضاء. إن هذه الورشة تُعدّ لبنة جديدة في مسيرة التعاون العربي لتحقيق رؤية مشتركة من خلال دعم تأسيس صناعة فضائية عربية قادرة على المنافسة العالمية.