دراسات وأبحاث

إسرائيل تمضي بخطوات رمزية نحو ضم الضفة الغربية وغور الأردن.. وسط تنديد عربي ودولي

الجمعة 25 يوليو 2025 - 03:09 م
عمرو أحمد
الضفة الغربية
الضفة الغربية

في تطور يعكس تحوّلًا خطيرًا في السياسات الإسرائيلية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، صادق الكنيست الإسرائيلي، بشكل رمزي، على مقترح يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية بالقوة على الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، ورغم أن القرار غير ملزم قانونيًا، إلا أن دلالاته السياسية العميقة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الضم التدريجي للأراضي الفلسطينية وتكريس واقع احتلالي جديد يقضي فعليًا على أي احتمال لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

مقترح ضم الضفة الغربية:

المقترح الذي جرت المصادقة عليه ينص صراحة على أن الضفة الغربية وغور الأردن يُعدان "جزءًا لا يتجزأ من الوطن التاريخي للشعب اليهودي"، ويزعم أن إقامة دولة فلسطينية على هذه الأراضي يُشكل “خطرًا وجوديًا على إسرائيل”، ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تمهيد فعلي لتوسيع نطاق السيادة الإسرائيلية وفرض أمر واقع يتجاوز الإعلانات السابقة، ويستهدف تقويض السلطة الفلسطينية وإحياء نموذج "روابط القرى" التي كانت تُدار سابقًا بإشراف مدني إسرائيلي مباشر.

وتجمع معظم التحليلات الإسرائيلية والفلسطينية على أن هذا التطور ليس مجرد تحرك رمزي، بل حلقة جديدة في مشروع سياسي إسرائيلي طويل الأمد يهدف إلى ابتلاع الأرض وتهميش السكان الفلسطينيين من خلال خلق نظام إدارة أمني ومدني مشترك يكرّس السيطرة الإسرائيلية المطلقة على الأرض والسكان معًا.

سياسيًا، تُعد الخطوة الإسرائيلية بمثابة "المسمار الأخير" في نعش حل الدولتين، وفق ما يؤكده محللون وخبراء في الشأن الفلسطيني، إذ تُلغي فعليًا أي أمل في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، وتختزل الطموح الوطني الفلسطيني في شكل حكم ذاتي محدود تحت هيمنة إسرائيلية شاملة، ويؤكد مراقبون أن إسرائيل تعمل على "احتواء الأرض" بعيدًا عن السكان، وهو جوهر المشروع الاستعماري الذي يضع السيطرة على الجغرافيا فوق كل اعتبار آخر.

إسبانيا: تجاهل للقانون الدولي ونسف لحل الدولتين

وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية كانت من أوائل الجهات الدولية التي أبدت موقفًا رسميًا حازمًا، إذ أكدت في بيان أن القرار الإسرائيلي "يتجاهل المبادئ والأحكام الأساسية للقانون الدولي"، ويتعارض بشكل صريح مع الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 يوليو 2024، الذي أقرّ بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت الوزارة أن الخطوة الإسرائيلية "تقوض الأسس التي يقوم عليها حل الدولتين"، وهو الحل الذي يمثل بحسب البيان، الضمان الأساسي لحقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق السلام في المنطقة، وأمن إسرائيل ذاته، كما جددت مدريد رفضها لأي خطوات من شأنها إعاقة التوصل إلى تسوية سلمية، وعلى رأسها توسيع المستوطنات التي وصفتها بأنها "غير قانونية بموجب القانون الدولي".

حماس: الضفة فلسطينية.. والسيادة المزعومة باطلة

في الداخل الفلسطيني، حذّرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تداعيات هذا التحرك الإسرائيلي، واصفة التصويت بأنه "إجراء باطل ولا شرعية له". 

ودعت الحركة، في بيان بثته "القاهرة الإخبارية"، المجتمع الدولي إلى إدانة ما وصفته بـ"رعونة الاحتلال وسياساته الفاشية"، مؤكدة أن "ضم الضفة الغربية المحتلة لن يغير من هوية الأرض الفلسطينية"، وأن الحقوق الوطنية الفلسطينية لا تسقط بتشريعات الاحتلال أو مخططاته التوسعية.

فتح: القرار خطير ويحول الفلسطينيين إلى "أقلية بلا حقوق"

بدوره، قال الدكتور إياد أبو زنيت، المتحدث باسم حركة "فتح"، إن ما جرى في الكنيست يُعد تطورًا بالغ الخطورة، لا يمكن اعتباره مجرد تصويت رمزي، بل يعكس تحولًا واضحًا نحو تبني سياسة الضم كأولوية في الخطاب السياسي الإسرائيلي، بعد أن كانت موضع خلاف داخلي في السابق.

وأضاف أبو زنيت، خلال مداخلة هاتفية على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن هذا القرار "يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي"، ويحمل تبعات خطيرة على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية، قائلاً: "الفلسطينيون سيُعاملون كأقلية أجنبية في وطنهم"، وهو ما يعني – برأيه – نقلهم من حالة "الحقوق" إلى حالة "اللاحقوق"، سياسيًا ومدنيًا، وفرض خيارات قسرية عليهم: إما الخضوع أو الهجرة أو الموت البطيء.

رفض عربي وإسلامي جماعي

وكانت عشر دول عربية، إلى جانب جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، قد أصدرت بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن رفضها القاطع لخطوة الكنيست، ووصفتها بأنها "خرق سافر للقانون الدولي وانتهاك لقرارات مجلس الأمن"، مؤكدة أن إسرائيل لا تملك أي سيادة قانونية أو سياسية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.