في تصريح حاسم، شدد الرئيس السوري، «أحمد الشرع» على أن بلاده اختارت الحفاظ على أمنها واستقرارها، مُتجاوزةً كل محاولات «إسرائيل» لزعزعة الوضع، قائلًا: «إسرائيل وضعتنا بين خياري الحرب أو إفساح المجال لمشايخ الدروز من أجل الاتفاق.. واخترنا حماية وطننا».
وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية ومحاولات إعادة خلط الأوراق في المنطقة، خرج الرئيس السوري، «أحمد الشرع» بتصريحات حازمة حذّر فيها من مؤامرات تُدار خلف الكواليس لجرّ «سوريا» إلى صراع مُفتعل، مُؤكدًا أن البلاد لن تنجرّ إلى معارك تُخدم أطرافًا خارجية على حساب الاستقرار الوطني.
وقال «الشرع»: إن «الدروز جزء أصيل من نسيج هذا الوطن»، مُؤكدًا أن سوريا «لن تكون أبدًا مكانًا للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها».
وأضاف الرئيس السوري، في كلمة: «نؤكد لكم (الدروز) أن حماية حقوقكم وحريتكم هي من أولوياتنا، وأننا نرفض أي مسعى يهدف لجرّكم إلى طرف خارجي أو لإحداث انقسام داخل صفوفنا، إننا جميعا شركاء في هذه الأرض، ولن نسمح لأي فئة كانت أن تشوّه هذه الصورة الجميلة التي تُعبّر عن سوريا وتنوعها»، حسبما نقلت وكالة الأنباء السورية «سانا».
وعن أحداث «السويداء»، صرّح أحمد الشرع: «لقد تدخلت الدولة السورية بكل مؤسساتها وقياداتها، وبكل إرادة وعزم، من أجل وقف ما جرى في السويداء من قتال داخلي بين مجموعات مُسلّحة من السويداء، ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة، وبدلًا من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن، وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن».
وتابع قائلًا: «لقد نجحت جهود الدولة في إعادة الاستقرار وطرد الفصائل الخارجة عن القانون، رغم التدخلات الإسرائيلية، وهنا لجأ الكيان الإسرائيلي إلى استهداف مُوسّع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود، ما أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير، ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق، لولا تدخل فعال للوساطة الأميركية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول».
وأشار إلى أن سوريا كانت «بين خيارين، الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يُريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام».
وأردف الرئيس السوري قائلًا: «لقد قررنا تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء، مُؤكّدين أن هذا القرار نابع من إدراكنا العميق لخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية، وتجنب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة قد تجرّها بعيدًا عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المُدمّرة وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلّفها النظام البائد».
وأوضح الشرع، أن «الكيان الإسرائيلي الذي عوّدنا دائمًا على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مُجددًا إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المُضي قُدمًا في مسيرة إعادة البناء والنهوض»، مُعتبرًا أن «هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كل الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلًا عن حقيقة أن السوريين، بتاريخهم الطويل، رفضوا كل انفصال وتقسيم».
وشدد على أن «الدولة السورية هي دولة الجميع، وهي كرامة الوطن وعزته، وهي حلم كل سوري في أن يرى وطنه يُعيد بناء نفسه من جديد، من خلال هذه الدولة، نتّحد جميعا دون تفرقة، من أجل أن نعيد لسوريا هيبتها، ونضعها في مقدمة الأمم التي تعيش في أمن واستقرار».
وبحسب الشرع: فقد «قدّمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة هو اتخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه، بناء على المصلحة الوطنية العليا».
واختتم الرئيس السوري كلمته بالقول: «إننا حريصون على محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء، ونُؤكد أن الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسلامة أهلنا والعمل على تأمين مستقبل أبنائهم، بعيدًا عن أي مخاطر قد تقوّض مسار النهوض والتعافي الذي نخوضه بعد تحرير بلادنا».
وبدأت الاشتباكات في جنوب سوريا، الأحد الماضي، بين مُقاتلين دروز «وعشائر بدوية»، ما استدعى تدخل قوات الجيش السوري.
عقب ذلك، شنّت إسرائيل سلسلة غارات قُرب مقرّ الأركان العامة وفي مُحيط قصر الرئاسة بالعاصمة «دمشق»، بزعم حماية الدروز.
وذكرت تقارير إسرائيلية، أن واشنطن تُمارس ضغطًا على تل أبيب، من أجل وقف هجماتها على الأراضي السورية، وذلك في إطار مساعيها لاستعادة الاستقرار في سوريا.
وتبقى تصريحات الرئيس «أحمد الشرع» بمثابة رسالة واضحة بأن «سوريا» ماضية في الدفاع عن استقرارها ورفضها لأي تدخلات خارجية، مع التأكيد على أن الدولة تُتابع مجريات الأحداث بعين مفتوحة على التحديات الإقليمية والدولية.