في تطور غير مسبوق للعلاقة بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة، اشتعل الجدل الدولي عقب فرض واشنطن عقوبات على فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بسبب تقاريرها التي أدانت فيها الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، ووصفتها بـ"الإبادة الجماعية".
خطوة اعتبرتها الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية "سابقة خطيرة" و"اعتداءً على استقلال آليات التحقيق الدولي"، فيما رأت فيها واشنطن دفاعًا عن مصالحها وشركائها.
وفي وقت تدّعي فيه الإدارة الأمريكية دعم جهود التهدئة ووقف إطلاق النار، أثار قرارها بفرض العقوبات تساؤلات حول موقفها الحقيقي من الحرب في غزة، خاصة مع استمرار دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل، وطلبها من الأمين العام للأمم المتحدة إقالة ألبانيز، متهمةً إياها بـ"معاداة السامية".
وفي أول تعليق لها على العقوبات، نشرت ألبانيز عبر حسابيها في "إنستغرام" و"إكس": "لا تعليق على أساليب الترهيب المافياوية، أنا منشغلة بتذكير الدول الأعضاء بالتزاماتها وقف ومعاقبة الإبادة الجماعية، ومن يستفيد منها".
وفي منشور آخر، خاطبت المواطنين الأوروبيين قائلة: "يستحق المواطنون الإيطاليون والفرنسيون واليونانيون أن يعلموا أن كل عمل سياسي ينتهك النظام القانوني الدولي، يُضعفهم جميعًا ويعرضنا جميعًا للخطر".
كما دعت حكومات الدول الثلاث لتفسير موقفها من توفير "مجال جوي آمن" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "المطلوب للعدالة الدولية"، على حد وصفها.
من جانبه، أعرب رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، السفير السويسري يورغ لاوبر، عن أسفه للقرار الأمريكي، مؤكدًا دعمه للمقررة الأممية.
كما دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، واشنطن، إلى "رفع العقوبات فورًا"، محذرًا من خطورة "الهجمات والتهديدات" التي تستهدف موظفي الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.
في المقابل، دافع السيناتور الجمهوري ماركو روبيو عن القرار الأمريكي، معلنًا فرضه العقوبات بشكل مباشر على ألبانيز، وقال في بيان: "جهودها لحث المحكمة الجنائية الدولية على ملاحقة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين غير مشروعة ومخزية".
وأضاف: "سنقف دائمًا مع حق شركائنا في الدفاع عن أنفسهم، ولن نتهاون مع أي حملات سياسية أو اقتصادية ضدهم".
منذ أكتوبر 2023، أصدرت ألبانيز عدة تقارير تضمنت توثيقًا لانتهاكات وصفتها بـ"الإبادة الإسرائيلية" في قطاع غزة، مشيرة إلى استهداف المدنيين والبنى التحتية، وحرمان السكان من الاحتياجات الأساسية.
وفي أحدث تقاريرها الصادر هذا الشهر، اتهمت أكثر من 60 شركة دولية بدعم الأعمال العسكرية الإسرائيلية، من بينها شركات أسلحة وتكنولوجيا تعمل في غزة والمستوطنات.
رغم التحركات الأمريكية المعلنة من خلال مبعوثيها في جولات مكوكية لإقرار تهدئة طويلة الأمد، تتزايد الضغوط من الكونغرس لدعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا.
كما رافق زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن تسريبات عن إعادة طرح "صفقة القرن" بصيغة جديدة، في سياق اتفاقيات التطبيع الإقليمي، وهو ما ترفضه أطراف فلسطينية باعتباره "تهميشًا للحقوق الوطنية".