دراسات وأبحاث

هجمات الحوثي تشعل البحر الأحمر.. إدانات دولية وتحذيرات من كارثة أمنية وإنسانية

الأربعاء 09 يوليو 2025 - 12:17 م
جهاد جميل
الأمصار

تصاعدت حدة التوترات في البحر الأحمر عقب استئناف ميليشيا الحوثي لهجماتها البحرية ضد السفن التجارية، ما دفع المجتمع الدولي إلى إطلاق سلسلة من الإدانات الواسعة التي حذرت من تداعيات خطيرة على أمن الملاحة والاستقرار الإقليمي.

وكانت آخر تلك الهجمات استهداف السفينة «ماجيك سيز» التي تم إغراقها بالكامل، بالإضافة إلى الهجوم العنيف الذي طال سفينة «إتيرنيتي سي» قبالة ميناء الحديدة، والذي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة عدد آخر من الطاقم المدني، وسط تقارير عن استخدام طائرات مسيّرة وزوارق هجومية سريعة في الهجوم.

تصعيد حوثي مقلق وتحذيرات يمنية

الحكومة اليمنية وصفت الهجمات بـ"الإرهابية" و"العدائية"، مؤكدة أن جماعة الحوثي تنفذ تلك العمليات بالوكالة عن النظام الإيراني، بما يتسق مع المشروع الإيراني في زعزعة استقرار المنطقة.

وأشارت الحكومة في بيان رسمي إلى أن مثل هذه العمليات لا تهدد فقط الأمن البحري، بل قد تنذر بكوارث بيئية ضخمة، تعطل سلاسل الإمداد العالمية وتزيد من معاناة شعوب المنطقة التي تعتمد على هذه الممرات لتدفق السلع والمساعدات.

ودعت اليمن المجتمع الدولي إلى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، ووقف أي محاولات لمنحهم حوافز سياسية في مفاوضات السلام.

موقف الولايات المتحدة: هجمات متهورة وقتل متعمد

من جانبها، وصفت الولايات المتحدة الهجمات الأخيرة بأنها "الأعنف" منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر، ونددت بـ"القتل المتعمد" للبحارة، محملة الحوثيين مسؤولية تعطيل حرية الملاحة الدولية وعرقلة تدفق المساعدات.

وقالت السفارة الأمريكية في اليمن إن "هذا السلوك المتهور يكشف الوجه الحقيقي للحوثيين"، مؤكدة أن ما يحدث يقوّض قرارات مجلس الأمن ويمثل تحديًا صريحًا لجهود الاستقرار الإقليمي والدولي.

فرنسا: انتهاك خطير لحرية الملاحة

الخارجية الفرنسية أصدرت بيانًا أعربت فيه عن إدانتها الشديدة لتجدد الهجمات على السفن التجارية، مؤكدة أن استهداف السفن يُعد تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة.

ولفت البيان إلى أن هذه العمليات المتكررة، سواء في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، تتطلب استجابة موحدة من الشركاء الدوليين في إطار التحالفات البحرية، مثل عملية "أسبيدس" الأوروبية.

 

السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، أعربت عن قلقها من الأضرار المباشرة التي طالت "ماجيك سيز"، وأكدت أن استمرار هذه العمليات من شأنه أن يؤدي إلى كوارث بيئية ويهدد الأمن الغذائي لليمنيين.

وأضافت أن "فشل الحوثيين في احترام القوانين الدولية يفاقم الأوضاع الاقتصادية ويقوّض الاستقرار السياسي والاجتماعي في اليمن".

 

الهجمات تأتي بعد توقف نسبي في عمليات الحوثيين البحرية خلال الأشهر الأخيرة، عقب سلسلة من الضربات الأمريكية والبريطانية التي استهدفت مواقع عسكرية تابعة للجماعة في صنعاء والحديدة وصعدة.

ويُعتقد أن الحوثيين يستغلون تراجع الضغط العسكري الغربي لمحاولة فرض واقع جديد في البحر الأحمر، وربما بهدف تعزيز موقفهم في أي مفاوضات مرتقبة برعاية أممية.

 

التهديدات لا تقتصر على الأرواح، بل تمتد إلى البيئة البحرية الحساسة في البحر الأحمر. تحذيرات من حدوث تسربات نفطية، أو إغراق سفن تحتوي على مواد سامة، تلوح في الأفق، ما قد يُخلّف كارثة بيئية إقليمية.

وفي الجانب الاقتصادي، فإن استهداف خطوط الشحن الدولية عبر البحر الأحمر – أحد أكثر الممرات حيوية في العالم – قد يُجبر شركات الملاحة على تغيير مساراتها، ما يؤدي إلى رفع تكاليف النقل وزيادة أسعار السلع عالميًا.

هل تتكرر أزمة الملاحة العالمية؟

الهجمات الحوثية الأخيرة أعادت إلى الأذهان أزمات كبرى ضربت طرق الملاحة في السنوات الماضية، مثل حادثة "إيفر غيفن" في قناة السويس عام 2021، والتي تسببت بخسائر فادحة في التجارة العالمية.

لكن التهديد الحالي أكثر تعقيدًا، إذ يرتبط بتنظيم مسلح يملك القدرة على شن عمليات نوعية عبر طائرات مسيرة وزوارق مفخخة، ما يجعل الردع التقليدي أكثر صعوبة.

 

البيانات الصادرة حتى الآن من القوى الدولية الكبرى تعكس وعيًا بخطورة الوضع، لكنها لم تترجم بعد إلى خطوات ردع حقيقية قادرة على وقف الهجمات.

في ظل استمرار الهجمات، وتردد المجتمع الدولي، تبقى الملاحة البحرية تحت تهديد دائم، ما لم يتم التحرك الحاسم من خلال قرارات أممية واضحة، ودعم مباشر للحكومة اليمنية لاستعادة السيطرة على مؤسسات الدولة.