في خطوة دبلوماسية بارزة، شهد «البيت الأبيض» اجتماعًا عالي المستوى بين الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» ورئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، حيث تم مناقشة تطورات الأوضاع في «قطاع غزة والملف النووي الإيراني». اللقاء الذي جاء في وقت حساس، حمل في طياته تطلعات جديدة لوقف التصعيد في المنطقة، وسط تفاؤل حذر حول إمكانية التوصل إلى هدنة مُستدامة.
وقد تجسدت الأهداف المشتركة بين «الولايات المتحدة وإسرائيل» في تعزيز الأمن الإقليمي، خاصة في ظل التهديدات المُتزايدة من قِبل الجماعات المسلحة في غزة والبرنامج النووي الإيراني الذي يُشكّل مصدر قلق دولي مُستمر. فيما يبقى السؤال الأبرز: «هل ستُساهم هذه المباحثات في تحقيق السلام الدائم أم ستظل المنطقة غارقة في دوامة العنف؟»
وفي هذا الصدد، استقبل الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، على مأدبة عشاء خاصة في البيت الأبيض، أمس الإثنين، في لقاء أكد فيه «ترامب» أن الطرفين حققا معًا «نجاحات»، مُبديًا تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال الرئيس الأمريكي للصحفيين: إن «حماس تُريد التفاوض والتوصل إلى وقف إطلاق النار»، رغم ترجيحه أن يكون «العرض الحالي بشأن غزة الأخير».
وأعطى دونالد ترامب، الكلمة لمبعوثه إلى الشرق الأوسط «ستيف ويتكوف»، الذي قال إن هناك «فرصة لجلب السلام في غزة، ونأمل أن يتحقق ذلك قريبًا».
وأكد ترامب أنه «لا يعتقد بوجود عقبات أمام وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل»، مُعتبرًا أن Jالأمور تسير بشكل جيد».
بعد إعلانه ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام، تناول «نتنياهو» الحديث عن مسألة تهجير الفلسطينيين، قائلاً: إنه «يجب أن يتمكن سكان غزة من المغادرة إذا أرادوا ذلك»، مُضيفًا: «نحن نعمل مع الولايات المتحدة لإيجاد دول مُستعدة لمنح الفلسطينيين مُستقبلًا أفضل، الأمر يتعلق بحرية الاختيار»، وفق زعمه.
وقدّم نتنياهو، نسخة من رسالة الترشيح التي أرسلها إلى لجنة الجائزة، قائلاً خلال العشاء: إن الرئيس الأمريكي «يُرسي السلام في هذه الأثناء، في بلد تلو الآخر، في منطقة تلو الأخرى».
ولطالما اشتكى الرئيس الجمهوري من تجاهل لجنة نوبل النرويجية لجهوده في حل النزاعات بين الهند وباكستان، وكذلك بين صربيا وكوسوفو.
وهذه ثالث زيارة يقوم بها نتنياهو إلى البيت الأبيض منذ عودة ترامب إلى منصبه في يناير، وتأتي في أعقاب الأمر الذي أصدره ترامب الشهر الماضي بشن غارات جوية أمريكية على مواقع إيران النووية لمُساندة إسرائيل في هجماتها الجوية.
وساعد ترامب لاحقًا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت (12) يومًا.
وفي إشارة إلى الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، قال ترامب: «آمل ألا نضطر إلى ذلك، لا أتوقع أننا سنفعله، فهم يُريدون الاجتماع، وهم الآن في وضع مختلف عما كانوا عليه قبل أسبوعين».
وأضاف: «أعتقد أن الإيرانيين يحترمون إسرائيل أكثر، ويحترموننا أكثر، لقد كانوا لطفاء ومحترمين للغاية، وسنبذل قصارى جهدنا لضمان بقاء إيران خالية من الأسلحة النووية».
وصرّح المبعوث «ويتكوف»، بأنه يتوقع استئناف المفاوضات مع إيران «قريبًا جدًا».
وفي سياق مُتصل، شدد نتنياهو على أن: «يجب أن يتمتع الفلسطينيون بسُلطة حكم أنفسهم، لكن ليس بسُلطة إيذائنا. هذا يعني أن قوة الأمن في المنطقة يجب أن تبقى دائمًا بأيدينا، ولن يقبل أحد في إسرائيل بأي شيء آخر».
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي: «أعتقد أننا سنصل إلى السلام مع جميع جيراننا في الشرق الأوسط بمساعدة قيادة ترامب».
كما أشاد ترامب بسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، «مايك هاكابي»، الذي حضر العشاء، قائلاً: «هناك أفق تاريخي في الشرق الأوسط».
في خطوة قد تُعيد رسم ملامح العلاقة بين واشنطن ودمشق، أشاد الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، بنظيره السوري «أحمد الشرع»، واصفًا إياه بأنه "شخص جدير بالإعجاب"، بعد لقاء جمعهما مُؤخرًا.
وقال «ترامب»، في تصريحات مشتركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»: إن الولايات المتحدة رفعت العقوبات عن دمشق بهدف «منحهم فرصة لبناء دولتهم».
وأضاف الرئيس الأمريكي: «أردنا أن نعطي سوريا فرصة، ولا يُمكن أن يحدث ذلك دون رفع العقوبات»، في إشارة إلى ما وصفه بـ«مرحلة جديدة» في التعامل مع الملف السوري.
وأوضح دونالد ترامب، أن نتنياهو طلب منه أيضًا رفع العقوبات عن سوريا.
من جانبه، اعتبر «نتنياهو» أن الوضع في سوريا يشهد تحولا مُهمًا، قائلاً: «في السابق كانت إيران تُدير سوريا، أما اليوم فهناك فرصة حقيقية لتحقيق الاستقرار والسلام في هذا البلد».
وشدد نتنياهو، على أن التعاون الأمني والعسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة أدى إلى «استئصال ورمين خطيرين كانا يُهددان إسرائيل»، في إشارة إلى البرنامجين النووي والبالستي الإيرانيين.
ووصف ترامب، الهجوم المشترك ضد إيران بأنه «انتصار تاريخي غيّر وجه الشرق الأوسط»، مُشيرًا إلى أن الوضع الجديد يخلق «فرصًا تاريخية» لتوسيع اتفاقات أبراهام لتشمل دولًا عربية وإسلامية أخرى.
وأيد نتنياهو هذه التصريحات، مُؤكدًا أن «الانتصار على إيران يفتح آفاقًا جديدة للسلام في المنطقة».
وألغت إدارة ترامب تصنيف «هيئة تحرير الشام» السورية التابعة لتنظيم «القاعدة»، كمنظمة إرهابية أجنبية.
وفي ديسمبر الماضي، قاد الرئيس السوري الحالي، أحمد الشرع، الهيئة التي شنت مع فصائل أخرى هجومًا خاطفًا أطاح بالرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وتقول «هيئة تحرير الشام» بقيادة الشرع إنها قطعت علاقاتها مع تنظيم «القاعدة» منذ سنوات وتُريد بناء سوريا ديمقراطية شاملة.
يُذكر أن «الشرع وترامب» التقيا في الرياض في مايو الماضي، حيث أعلن ترامب بشكل مُفاجئ عن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، في تحول كبير في السياسة، مما دفع واشنطن لتخفيف إجراءاتها بشكل كبير.
وتُعتبر تصريحات «ترامب» مُؤشرًا على إمكانية تحولات دبلوماسية في العلاقات الأمريكية السورية، خصوصًا إذا تزامنت مع خطوات سياسية لاحقة.
وفي ختام هذه المباحثات المُهمة بين «ترامب ونتنياهو» في البيت الأبيض، يبقى الأمل معقودًا على أن تُسهم هذه اللقاءات في تهدئة الأوضاع المتوترة في غزة وتحد من التصعيد في الملف الإيراني. رغم التحديات الكبيرة التي تُواجه المنطقة، يُعد التفاؤل بإمكانية التوصل إلى هدنة خطوة إيجابية نحو استقرار أكبر. تبقى المسؤولية مشتركة بين الأطراف المعنية لتحقيق السلام الدائم، وهو ما يتطلب استمرار الحوار والتعاون البناء. يبقى الرهان على الإرادة السياسية في البيت الأبيض وتل أبيب لتحقيق أمن المنطقة وسلامها المُستدام.