في تحول استراتيجي، يكثف الصومال ضرباته الأمنية على جبهتين ضد تنظيمي "داعش"، و"الشباب"، وسط دعم متزايد من الاتحاد الأفريقي.
وأعلن الاتحاد الأفريقي، تخصيص 10 ملايين دولار أمريكي إضافية لصندوق الطوارئ التابع للاتحاد، ما يرفع إجمالي الدعم المالي المتاح لعام 2025، إلى 20 مليون دولار.
التحرك المزدوج ميدانيا والدعم الأفريقي يعكسان تحركا واسع النطاق لمواجهة التحديات الأمنية المعقدة التي تشهدها الصومال، وخاصة النشاط الإرهابي.
وفي شمال شرقي الصومال، تتوالى الانتصارات الأمنية ضمن عملية "هِلَاع" التي تعني "البرق"، وتنفذها قوات ولاية بونتلاند ضد تنظيم "داعش".
إذ أعلن الجنرال أحمد عبدالله شيخ، القائد السابق للقوات الخاصة في العملية، عن تحييد نحو 85% من الهيكل القيادي للتنظيم.
ووفقا لتصريحات الجنرال التي نقلتها وسائل إعلام صومالية محلية، فإن العمليات أسفرت عن مقتل عدد من القادة البارزين في التنظيم، من بينهم مسؤول "الحسبة"، وقائد المقاتلين الأجانب، ورئيس شعبة التفجيرات، ومسؤول العلاقات الخارجية، إلى جانب اعتقال قيادي في وحدة الاغتيالات توفي لاحقًا أثناء احتجازه.
وأشاد بالضربات الجوية الأمريكية الدقيقة، حيث لعبت قوات "أفريكوم"، دورا فاعلا في تصفية عدد من كبار المخططين، مثل أحمد ماء العينين، وبلال السوداني.
وأكد الجنرال الصومالي، أن تفكيك رأس القيادة لـ"داعش"، "لا يمثل فقط انتصارا ميدانيا، بل خطوة استراتيجية لشل قدرة التنظيم على التمدد في منطقة القرن الأفريقي، في ظل سعي متصاعد من التنظيمات العابرة للحدود لإعادة التموضع في جيوب جغرافية رخوة".
بالتوازي، اندلعت معارك ضارية في المناطق الحدودية بين محافظتي هيران وشبيلي الوسطى، حيث واجهت حركة "الشباب" المرتبطة بـ"القاعدة"، هجوما مشتركا من قوات الجيش الصومالي وقوات عشائرية محلية تُعرف باسم "معاويسلي".
وأسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من 30 عنصرا من عناصر الحركة، واستعادة السيطرة على قرى استراتيجية مثل غُمري، وهغري، وعيل قُوحلي.
وفي موازاة التصعيد العسكري، أعلن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، تخصيص 10 ملايين دولار أمريكي إضافية لصندوق الطوارئ التابع للاتحاد، ما يرفع إجمالي الدعم المالي المتاح لعام 2025 إلى 20 مليون دولار، في خطوة وُصفت بأنها رسالة دعم واضحة للحكومة الصومالية، واعتراف بالمخاطر التي تهدد استقرار البلاد في حال تراجع التمويل الخارجي.
وقال بيان صادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، أن التمويل الذي أعلن عنه سيستخدم لتعزيز الانتشار الميداني، وتأمين الإمدادات اللوجستية، ودعم النقل الجوي، وتكثيف العمليات الخاصة، بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال.
وشدد المجلس، على أهمية تسريع دمج القوات المحلية والمتحركة ضمن هيكل موحد، لتطبيق استراتيجية قادرة على تثبيت المكاسب الأمنية.
ورغم الإشادة الرسمية بالجهود الحكومية، دعا مجلس السلم والأمن الأفريقي، كافة الولايات الفيدرالية الصومالية بما فيها بونتلاند وجوبالاند إلى الانخراط في حوار سياسي شامل مع الحكومة المركزية، محذرا من أن استمرار التنازع الداخلي قد يوفر مناخا مناسبا للتنظيمات الإرهابية لإعادة تجميع صفوفها.
وأكد أن إعادة بناء الدولة الصومالية "لا يمكن أن تنجح دون توافق سياسي واسع"، مشددا على ضرورة التنسيق الأمني بين جميع المستويات.
وتعكس التطورات المتسارعة في المشهد الصومالي واقعا جديدا يتسم بمزيج من التصعيد العسكري، والتحرك السياسي، والانخراط الإقليمي المتزايد.
وبينما تحقق القوات الصومالية نجاحات ميدانية ملموسة ضد "داعش" و"حركة الشباب"، يبقى التحدي الحقيقي في تحويل هذه الإنجازات إلى مكاسب استراتيجية مستدامة تفضي إلى استقرار طويل الأمد، وفق مراقبين.