المغرب العربي

سفير الجزائر بالقاهرة: العلاقة بين مصر والجزائر راسخة ومحصنة ضد الخلافات

السبت 05 يوليو 2025 - 03:57 م
جهاد جميل
الأمصار

أكد محمد سفيان براح، سفير الجزائر لدى مصر، ومندوبها الدائم لدى الجامعة الدول العربية، بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للجزائر، يطلُّ علينا الخامسُ من يوليو هذا العام، حاملاً عبقَ الذكرى الثالثة والستين لعيدَي الاستقلال والشباب في الجزائر، تحتَ شعارٍ يختصر مسيرةَ وطنٍ وصمودَ شعب: «جزائرُنا… إرثُ الشهداء ومجدُ الأوفياء».  


يحمل هذا الشعار في طياته دلالات عميقة، إذ يُذكّرنا بأنّ الحرية التي نتفيّأ ظلالها لم تُهْدَ إلينا، بل افتُدِيت بدماء خِيَرة أبناء وبنات الجزائر، وأنّ الوفاء لرسالتهم لا يُقاس بالأقوال، بل بما نبنيه من مؤسَّسات، وما نحصّنه من وحدةٍ وطنية، وما نغرسه في أجيالنا من اعتزازٍ بالانتماء وتطلُّعٍ إلى مستقبلٍ أفضل.  

وإذا كانت الثورةُ الجزائرية تُسجَّل في صفحات التاريخ إحدى أنبل ملاحم التحرر في العصر الحديث، فإنها لا تغفل عن المواقف الأصيلة التي أسندتها، وفي طليعتها موقفُ جمهوريةِ مصرَ العربية الشقيقة التي وقفت إلى جانب الشعب الجزائري في أحلك لحظاتِ المحنة، يومَ تردَّد الآخرون وتخاذل الكثير.  

فقد آمنت مصر بعدالة القضية الجزائرية منذ اللحظة الأولى، فاحتضنت قادةَ الثورة ومؤسَّساتها، ووفّرت الدعم العسكريَّ حين عزَّ السلاح، والإسناد الإعلاميَّ حين كان الصوتُ سلاحَ المقهورين. وكانت إذاعةُ «صوت العرب» من القاهرة بمنزلةِ رصاصِ الحرية في معركة الكرامة؛ تواكب الثورة، وتُلهب مشاعر الأحرار، وتفضح جرائم الاستعمار أمام العالم. وهكذا لم تكن مصر متعاطفةً أو متضامنةً فحسب، بل كانت في قلب المعركة، ترى في انتصار الجزائر امتدادًا لانتصارها، وفي استقلالها دفعةً قويةً لاسترداد كرامة الأمة العربية بأسرها. ومن رحم تلك الأُخوّة النضالية الصادقة نشأت روابطُ تاريخيةٌ لم تزِدها السنواتُ إلا صلابةً ورسوخًا. وها هي هذه الأواصر تتجدّد وتتعزّز كلما واجهت أمتُنا العربية تحديًا جديدًا، وتزداد تماسكًا في كل استحقاقٍ إقليميٍّ أو دوليٍّ يستدعي تعميقَ التنسيق وتكثيفَ التشاور وتوحيدَ الصفوف في وجه محاولات المساس بسيادة الدول وحقوق شعوبها ومقدَّراتها. ويأتي احتفاء الجزائر هذا العام بعيد استقلالها الـ63، على وقع جراحٍ عربيةٍ يعجز أيُّ ضميرٍ حيٍّ عن غضّ الطرف عنها، وفي مقدمتها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوانٍ همجيٍّ متواصلٍ بلغ حدَّ الإبادةِ الجماعية، في انتهاكٍ صارخٍ لكلّ الأعراف والمواثيق الدولية.  

إنَّ المأساة التي تعصف اليوم بغزة ليست مجرّد كارثةٍ إنسانية، بل اختبارٌ قاسٍ لضمير العالم ولمصداقية منظومة القانون الدولي وحقوق الإنسان؛ فقد علّمنا التاريخ أن الوضع في فلسطين ليس مسألةَ حدودٍ أو تفاوضٍ فحسب، بل امتحانٌ أخلاقيٌّ لحضارتنا وإنسانيتنا جمعاء.   وفي هذا السياق لا يسعنا إلا أن ننوّه مجددًا بالدور المحوري الذي تضطلع به مصر، من خلال جهدها الدبلوماسي والإنساني المتواصل، في الدفاع عن الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، ورفضها القاطع لمحاولات قواتِ الاحتلال فرضَ وقائعَ تستبيح الحقَّ والتاريخ معًا، بغيةَ تصفية القضية الفلسطينية عبر التجويع والترهيب والتهجير.