دراسات وأبحاث

هدنة مشروطة أم تسوية سياسية؟.. تفاصيل مقترح ويتكوف الجديد لغزة

الخميس 03 يوليو 2025 - 07:37 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

وسط تصاعد القتال في قطاع غزة، وبعد فشل عدة محاولات لوقف إطلاق النار، عاد الملف إلى طاولة الإدارة الأمريكية عبر مقترح جديد أعدّه المبعوث الأمريكي الخاص، جيريمي ويتكوف، يهدف إلى التوصل إلى هدنة شاملة تمهد لـ "مفاوضات أوسع" بين إسرائيل وحركة حماس.

تفاصيل مقترح ويتكوف.. كيف سد الفجوات بين إسرائيل وحماس؟ | سكاي نيوز عربية

المقترح الذي طُرح بالتنسيق مع قطر ومصر والأمم المتحدة، يأتي في سياق الضغوط الدولية المتزايدة لوقف الحرب التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، ودمارًا هائلًا في القطاع المحاصر.

 مقترح ويتكوف

بحسب التسريبات التي نشرتها صحف أمريكية وإسرائيلية، يتكون المقترح من ثلاث مراحل أساسية:

 وقف فوري لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع:

يتضمن وقفًا كاملاً للعمليات العسكرية من الطرفين.

يتم خلاله إطلاق سراح دفعة أولى من الأسرى والمعتقلين.

دخول مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع بإشراف دولي.

 مفاوضات غير مباشرة برعاية إقليمية ودولية:

تهدف إلى التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

تشمل بحث ملفات مثل تبادل الأسرى، إعادة الإعمار، وفتح المعابر.

مقترح ويتكوف.. جسر جديد في مفاوضات غزة رغم عقبات كبيرة | الشرق للأخبار

 خطة طويلة الأمد لإعادة إعمار غزة:

يتم إنشاء "آلية رقابة دولية" لمنع إعادة تسليح حماس.

إشراك السلطة الفلسطينية أو كيان مدني محايد في إدارة الشؤون المدنية.

كما يتضمن المقترح ما يلي: -

- إطلاق سراح 8 محتجزين احياء في اليوم الأول 

- إطلاق سراح نحو 18 محتجز على ثلاث مراحل 

- إطلاق سراح محتجزين إضافيين في اليوم الخمسين للحرب 

- انسحاب جيش الاحتلال من محور موارج

- زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة 

ويتكوف: رد «حماس» على مقترح وقف النار «غير مقبول تماماً»

دوافع المقترح الأمريكي

يأتي مقترح ويتكوف في لحظة حساسة، حيث تراجع الدعم الشعبي العالمي لإسرائيل بعد مجازر مراكز الإيواء والمستشفيات.

وضغوط من الحزب الديمقراطي في واشنطن على إدارة بايدن لتغيير نهجها في التعامل مع الحرب، حيث توجد مخاوف أمريكية من انفجار إقليمي في حال تدخل حزب اللهمرة أخرى، أو انهيار الوضع الإنساني كليًا في غزة.

ويتكوف، الذي عُيّن مؤخرًا مبعوثًا خاصًا للتفاوض بشأن الأزمة، معروف بقربه من دوائر صنع القرار في وزارة الخارجية الأمريكية، ويُنظر إليه كوسيط "براغماتي" يسعى لحلول عملية دون الانحياز العلني لأي طرف.

ردود الفعل على المقترح

- إسرائيل:

المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أبدت "تحفظًا أوليًا" على المقترح، لا سيما ما يتعلق بوقف العمليات قبل "تحقيق الأهداف العسكرية"، وعلى رأسها تصفية قيادة حماس في غزة.

لكن دوائر دبلوماسية في تل أبيب تعتبر أن المقترح "أسهل للقبول" من خطط سابقة، خاصة أنه لا يتضمن وقفًا دائمًا فوريًا، بل يتيح لإسرائيل تحقيق مكاسب سياسية عبر مفاوضات غير مباشرة.

تقرير أممي: تعافي غزة من مستويات غير مسبوقة من التدمير الاقتصادي سيستغرق  عقودا | الأمم المتحدة في فلسطين

- حماس:

أعلنت حماس أنها تدرس المقترح، لكنها ترفض ربط الهدنة بشروط سياسية مسبقة، خصوصًا تلك التي تتعلق بتسليم السلاح أو إعادة الانتشار الأمني في غزة.

كما اشترطت الحركة ضمانات دولية للإعمار ورفع الحصار، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

- السلطة الفلسطينية:

رحبت السلطة بالمبادرة، واعتبرتها "فرصة لإنهاء شلال الدم"، لكنها طالبت بأن تكون هي الطرف الوحيد المخوّل بإدارة ما بعد الحرب، وهو أمر محل خلاف بين الفصائل الفلسطينية.

- مواقف دولية:

مصر وقطر تدعمان المقترح ضمنيًا، وتعملان على تهيئة الأجواء لجولة مفاوضات غير مباشرة في الدوحة أو القاهرة.

الأمم المتحدة رحبت بالمقترح، واعتبرته "خطوة في الاتجاه الصحيح".

الاتحاد الأوروبي عبّر عن استعداده لتمويل آلية الإعمار بشرط وجود رقابة دولية شفافة.

فرص النجاح والتحديات

رغم التفاؤل النسبي، إلا أن مقترح ويتكوف يواجه عدة تحديات:

عدم وجود ثقة بين الأطراف، لا سيما بعد المجازر الأخيرة في رفح والشجاعية.

 رفض حكومة نتنياهو أي صيغة تعتبرها "إنقاذًا لحماس".

تقرير الأونروا رقم 156 حول الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية، التي تشمل  القدس الشرقية | الأونروا

انقسام فلسطيني داخلي بين حماس والسلطة حول من يدير مرحلة ما بعد الحرب.

تعقيدات ملف الأسرى، حيث تطالب حماس بإطلاق قادة بارزين، ترفض إسرائيل الإفراج عنهم.

لكن ما يُميز مبادرة ويتكوف عن سابقاتها هو أنها لا تفرض حلًا نهائيًا من البداية، بل تطرح هدنة إنسانية كمدخل لمفاوضات مفتوحة، ما يجعلها أكثر قابلية للتحرك في واقع معقد ومتفجر.

مقترح ويتكوف قد لا يكون "وصفة سحرية" لإنهاء حرب غزة، لكنه يمثل جهدًا دبلوماسيًا جديدًا يراعي توازنات القوة والتحديات السياسية. قبوله أو رفضه سيحدد ملامح المرحلة المقبلة: إما طريق نحو التهدئة، أو تصعيد جديد أكثر دموية.

في الوقت الذي لا تزال فيه أصوات الانفجارات تملأ سماء غزة، تبقى الدبلوماسية هي الملاذ الأخير لإنقاذ ما تبقى من الأرواح، وإعادة الأمل للمدنيين المحاصرين بين النيران والسياسة.