اتهم مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرجى ناريشكين بعض الدول الأوروبية بالسعي لتحريف محتوى المفاوضات بين موسكو وكييف.
وقال ناريشكين - في تصريحات، أوردتها قناة "روسيا اليوم"، إن "روسيا تسجل محاولات أوروبية لإعاقة العملية التفاوضية"، مشيرا إلى أن "التعليقات الصادرة عن العواصم الأوروبية تحاول باستمرار تحريف محتوى المفاوضات وتشويه المعاني والأهداف التي يضعها الجانب الروسي على طاولة الحوار".
في تطور مُفاجئ على الموقف الأمريكي السابق، ظهر الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» في لاهاي بنبرة جديدة تجاه الأزمة الأوكرانية، حيث أبدى تأييدًا واضحًا لزعيم نظام كييف «فولوديمير زيلينسكي»، في حين شدد لهجته بشكل غير مسبوق ضد الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين». هذه التحولات في خطاب «ترامب» تُثير تساؤلات حول احتمالات تغيير السياسة الأمريكية حيال الصراع المُستمر وتأثير ذلك على المشهد الدولي.
وفي هذا الصدد، شهدت قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» في لاهاي، تغيرًا ملحوظًا في مواقف الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، حيث عبّر عن دعم صريح لـ«زيلينسكي»، بينما اتسمت لهجته تجاه «بوتين» بالحِدة، مُطالبًا بإنهاء الحرب فورًا، تزامنًا مع تصاعد القتال ورفع الإنفاق الدفاعي للحلف بشكل تاريخي.
وكشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، عن تغيير جذري في علاقة ترامب بزيلينسكي، إذ وصف الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني بأنه «لطيف جدًا» بعد لقائهما على هامش القمة، مُضيفًا: «لم يكن بإمكانه أن يكون أكثر لطفًا في الواقع، لكن ما استخلصته من الاجتماع أنه يود أن يرى الحرب تنتهي».
هذا التحول يأتي بعد أشهر من التوتر الشديد، بلغ ذروته في فبراير الماضي بمواجهة حادة في المكتب البيضاوي أدت إلى تعليق واشنطن مساعداتها العسكرية والاستخباراتية لكييف مُؤقتًا.
وأكد «ترامب» أنه وزيلينسكي «مرا بأوقات صعبة» في الماضي، في إشارة واضحة للصدام السابق، إلا أنه أشاد بالاجتماع الذي استمر قرابة ساعة، ووصفه بأنه ركّز على «الوضع العام في أوكرانيا»، مُؤكدًا أن زعيم نظام كييف «يخوض معركة صعبة».
من جهته، وصف «زيلينسكي» اللقاء بأنه «طويل وجوهري»، مُؤكدًا أنهما ناقشا «جميع القضايا المهمة»، بما في ذلك «كيفية حماية الأوكرانيين وكيفية تحقيق وقف إطلاق النار والسلام الحقيقي».
في المقابل، اتخذ ترامب موقفًا أكثر حزمًا تجاه «بوتين»، قائلًا بحسب «فايننشيال تايمز»: «فلاديمير بوتين يجب عليه حقًا أن ينهي هذه الحرب.. الناس يموتون بمستويات لم يرها الناس منذ وقت طويل».
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب كان في البداية أكثر تفهمًا لموقف بوتين، الذي اتصل به عدة مرات وانخرطت الولايات المتحدة في محادثات سلام مباشرة مع فريقه التفاوضي، لكن الرئيس الأمريكي بات يشعر بالإحباط المُتزايد من نظيره الروسي بسبب مطالبه التي يراها «مُتطرفة»، ورفضه الاتفاق على وقف إطلاق النار.
وخلال مناقشات قمة الناتو، عبَّر ترامب عن إحباطه من الوضع في أوكرانيا الذي وصفه بأنه «يخرج عن السيطرة»، وفقًا لشخصين حضرا الاجتماعات، كما ادعى ترامب أن الجيشين الأوكراني والروسي تكبدا مجتمعين (7000) ضحية في ساحة المعركة الأسبوع الماضي، وهو رقم لا يمكن التحقق منه بشكل مستقل.
فيما أوضحت صحيفة «ذا جارديان» البريطانية، أن التغيير في عقلية حلف شمال الأطلسي «ناتو» جاء بتأثير غير مباشر لبوتين بقدر ما جاء بفعل ترامب، إذ وافق تقريبًا جميع الحلفاء الـ(32) على زيادة حادة في الإنفاق الدفاعي؛ لمواجهة احتمالية إعادة التسليح الروسي في حالة انتهاء الحرب الأوكرانية.
وحذّر مخطِطو الناتو من أن روسيا قد تُشكِّل خلال ثلاث إلى سبع سنوات تهديدًا جديًا للجناح الشرقي للحلف، إذ يُمكن للكرملين الحفاظ على جيش يضم (600) ألف جندي وبإنفاق (6.5%) من الناتج المحلي على الدفاع البدء في استعادة مخزون الذخائر والمعدات.