دراسات وأبحاث

ليالٍ دموية.. إسرائيل وإيران تشعلان الشرق الأوسط

السبت 21 يونيو 2025 - 12:21 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

تشهد منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة واحدة من أخطر موجات التصعيد العسكري، عقب اندلاع مواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين إسرائيل وإيران. 

4 أيام من الحرب.. تفاصيل مواجهة إيران وإسرائيل حتى الآن | سكاي نيوز عربية

هذه الحرب تمثل تحولًا جذريًا في شكل العلاقة العدائية التقليدية بين البلدين، والتي طالما اتسمت بالحروب غير المباشرة والضربات المتبادلة عبر أطراف ثالثة ووكلاء إقليميين. 

أما الآن، فإن المواجهة خرجت من الظلال إلى العلن، محمّلة برسائل استراتيجية وتحذيرات متبادلة، ما يضع المنطقة بأسرها على حافة انفجار أوسع.

اندلاع الحرب وتطور المواجهة

اندلعت شرارة الصراع الحالي عقب تنفيذ إسرائيل ضربة جوية دقيقة استهدفت عدة علماء وقيادات إيرانية ، وأدى إلى مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني.

 أثار الهجوم موجة غضب عارمة في طهران، التي تعهدت برد قاسٍ. ولم تمضِ أيام قليلة حتى نفّذت إيران أكبر عملية هجومية مباشرة ضد إسرائيل، عبر إطلاق مسيرات وصاروخ باليستي وكروز، استهدفت مواقع عسكرية داخل إسرائيل.

انعكاسات وتأثيرات خطيرة لحرب إيران وإسرائيل على المنطقة.. تعرّف عليها

الضربات الإسرائيلية داخل العمق الإيراني

ردّ الفعل الإسرائيلي لم يتأخر، فقد شنت تل أبيب غارات مكثفة استهدفت مواقع استراتيجية داخل الأراضي الإيرانية.

 تركزت الضربات على منشآت عسكرية، وقواعد تابعة للحرس الثوري، ومرافق يشتبه في استخدامها لتطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ. 

من بين المواقع المستهدفة، برزت منشآت في أصفهان، تبريز، كرمان، ومفاعل نطنز النووي، الذي تعرّض لأضرار وصفتها إيران بـ"الجزئية" بينما أشار مراقبون دوليون إلى أن الاستهداف كان مدروسًا لمنع تصعيد نووي مباشر.

كما استهدفت إسرائيل مراكز للقيادة والسيطرة، ومخازن أسلحة، ومرافق اتصالات، في إطار حملة تهدف إلى شل القدرات العسكرية الإيرانية من الداخل، دون الانجرار إلى غزو بري أو عمليات موسعة.

إيران وإسرائيل.. المواجهة إلى أين؟

الرد الإيراني المتعدد الأشكال

في المقابل، وسّعت إيران من ردها عبر أساليب متنوعة، شملت ضربات صاروخية جديدة باتجاه النقب والجولان، وهجمات سيبرانية على بنى تحتية إسرائيلية، خاصة شبكات الكهرباء والمياه والمطارات. وأكدت طهران أن الهجمات ستتواصل طالما استمرت إسرائيل في استهدافها للعمق الإيراني.

التصعيد الإيراني لم يقتصر على الداخل الإسرائيلي، بل شمل أيضًا تحريك أذرعها العسكرية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث سجلت هجمات من قبل جماعات موالية لإيران استهدفت قواعد أميركية وإسرائيلية ومصالح غربية في المنطقة.

قصف متبادل بين إيران وإسرائيل وتحذير لسكان منطقتين بطهران وتل أبيب

الخسائر حتى الآن

مع مرور الأسابيع الأولى على اندلاع الحرب، بدأت تتضح ملامح الخسائر التي خلّفتها المواجهات العنيفة بين إسرائيل وإيران، سواء على المستوى العسكري أو المدني. في إسرائيل، ورغم نجاح منظومات الدفاع الجوي المتقدمة في صد نسبة كبيرة من الهجمات الصاروخية والمسيّرات الإيرانية، فإن بعض الضربات أصابت أهدافًا حيوية. 

الخسائر لم تقتصر على الأرواح، بل شملت أيضًا البنية التحتية الحيوية. فعدة قواعد عسكرية إسرائيلية تعرّضت لأضرار متفاوتة، كما شهد مطار بن غوريون حالة إغلاق مؤقت بعد هجمات سيبرانية ومنظومات تشويش يُعتقد أنها إيرانية المصدر. شبكات الكهرباء والمياه في مناطق واسعة تأثرت أيضًا، لا سيما بعد موجة من الهجمات السيبرانية التي عطّلت الأنظمة المركزية لبعض الوقت، مما تسبب بحالة من الذعر العام وشلل جزئي في حركة المواصلات والخدمات.

لماذا تجاهلت إيران تحذيرات ترامب بشأن الضربة الإسرائيلية؟

أما في الجانب الإيراني، فتبدو الخسائر أكثر قسوة، خاصة مع استمرار إسرائيل في تنفيذ ضربات جوية دقيقة استهدفت العمق الإيراني بشكل مباشر. فقد أعلنت مصادر غير رسمية عن مقتل أكثر من 300 من عناصر الحرس الثوري، بينهم قادة في وحدات الصواريخ والطائرات المسيّرة، فيما قدّرت مصادر استخباراتية غربية العدد بأكثر من ذلك. وقد نُقل عن مسؤولين إيرانيين أن الغارات الإسرائيلية دمّرت منشآت حيوية، من بينها مصانع إنتاج أسلحة في أصفهان، ومستودعات صواريخ في كرمان، إضافة إلى تضرر جزء من مفاعل نطنز النووي نتيجة لهجوم بطائرات مسيّرة.

حرب إيران وإسرائيل توسع فجوة الانقسام بين الإسلاميين في المغرب

الضربات الإسرائيلية أصابت كذلك محطات كهرباء ومراكز اتصالات، ما تسبب في انقطاع الكهرباء عن أحياء كاملة في طهران ومشهد وأصفهان لساعات طويلة. كما أشارت تقارير إعلامية إلى موجة من الاضطرابات الاقتصادية الداخلية بسبب إغلاق طرق وموانئ، وارتفاع أسعار الوقود وانخفاض حاد في سعر العملة المحلية. وأدى الضغط الشعبي المتزايد إلى خروج مظاهرات محدودة في بعض المدن، تطالب بتفسير حكومي حول مدى جاهزية البلاد للتصدي لمثل هذه الحرب.

وفي المجمل، تؤكد حصيلة الخسائر حتى الآن أن الطرفين يدفعان ثمناً باهظاً، سواء على مستوى الأرواح أو الاقتصاد، بينما يظل المدنيون هم الأكثر تضررًا من هذا الصراع الذي لم تتضح نهايته بعد.

أمن دولي ـ إلى أين يتجه التصعيد بين إيران وإسرائيل في الشرق الأوسط؟ -  المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

وقف شامل لإطلاق النار

حتى هذه اللحظة، لا تلوح في الأفق أي بوادر لوقف شامل لإطلاق النار، رغم جهود دبلوماسية مكثفة تقودها أطراف أوروبية وروسية. وتظل المخاوف قائمة من انزلاق الحرب نحو مواجهة إقليمية أوسع تشمل حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن.

الواقع يؤكد أن الحرب الحالية بين إسرائيل وإيران لم تعد مجرد معركة بين بلدين، بل اختبار كبير لتوازن القوى في الشرق الأوسط، ومحكًّا لقدرة المجتمع الدولي على احتواء نزاع قد ينفجر إلى ما هو أبعد من حدود تل أبيب وطهران.