آراء وأقلام

أمير طاهري يكتب: «رسالة خامنئي من الاحتجاب»

الجمعة 20 يونيو 2025 - 07:47 ص
أمير طاهري
أمير طاهري

بعد أسبوع من الاحتجاب، كسر المرشد الأعلى علي خامنئي صمته يوم الأربعاء برسالة قصيرة وغامضة سُجلت في مكانه السري الحالي. حسناً، قد يكون المكان سرياً بالنسبة لأغلبنا، لكنه ليس سرياً بالنسبة لإسرائيل وحلفائها الأميركيين الذين يزعمون أنهم يعرفون مكان المرشد.

كانت هذه رسالة غريبة. لم يعترف المرشد في أي لحظة بأنَّ إيران تواجه أزمة كبيرة. تحدث عن «حرب مفروضة»، من دون أن يُحدد مَن فرضها وكيف، في حين ادعى ضمناً أن إيران لم تشارك في إثارة هذه الحرب.

بعبارة أخرى، إذا كان لا يعرف سبب فرض الحرب، فلا يمكنه التظاهر بأنه يعرف كيف ينهيها. بدلاً من ذلك، بدا أنه يرغب في استمرار الحرب إلى ما لا نهاية من خلال التظاهر بأن الولايات المتحدة تطالب إيران بـ«الاستسلام غير المشروط»، وهو أمر - كما تفاخر - لن تقبله الأمة الإيرانية أبداً.

من خلال جعل الولايات المتحدة الهدف الرئيسي لغضبه الحقيقي أو المصطنع، كان خامنئي يأمل التقليل مما تعرض له بعد أن تلقى ضربة قاصمة على يد ما يحب أن يصفه بـ«القزم» المشبع بالأحلام العظيمة. غير أن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لم تُعلن الحرب على إيران، وبالتالي لا يمكنها أن تعتبر «الاستسلام غير المشروط» هدفاً لها. صحيح أن الرئيس دونالد ترمب وضع عبارة: «استسلام غير مشروط» على حسابه بوسائل التواصل الاجتماعي بـ«أحرف كبيرة» مثل الملاحظات التي يكتبها المرء على ثلاجة المطبخ، لكن اعتبارها موقفاً رسمياً للولايات المتحدة في غياب إعلان حرب من واشنطن، يتطلب وثبة وهمية لا يمكن أن يتصورها سوى المرشد.

تجنب خامنئي أي ذكر للإسلام، وتجنب ادعاءه المعتاد بأن إيران جزء من أمة إسلامية أوسع نطاقاً وليست دولة مستقلة. وهتف قائلاً: «الأمة الإيرانية لن تستسلم أبداً». لقد نسي أنه إذا صدرت دعوة إلى «الاستسلام غير المشروط»، فلن تكون موجهة إلى الأمة الإيرانية؛ وذلك لأن الأصدقاء والأعداء على حد سواء يعلمون أن الأمة الإيرانية لم يكن لها رأي في السياسات التي أدت إلى هذا الصراع المأساوي، ولا تملك أي سلطة حتى للنظر في هذا الخيار.

إذا كان المرشد لا يتحدث نيابة عن الأمة الإيرانية في هذه المرحلة، فمن تُراه يُمثِّل؟ هل يمكن أن تكون هي السلطات الحاكمة في نظام الجمهورية الإسلامية؟ هذا ليس مؤكداً أيضاً.

أصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الذي تتمثل مهمته بموجب الدستور الحالي في البت في المسائل المتعلقة بالحرب والسلام، بياناً موجزاً قبل أن يُسجل المرشد رسالته المذكورة. ولم يأتِ المجلس على ذكر الولايات المتحدة في بيانه. كما أنه لم يردد نبرة خامنئي المتشددة. وبدلاً من ذلك، أعرب عن رغبته في إنهاء إراقة الدماء، مع إصراره على أنه لن ينتقم إلا إذا استمرت الهجمات.

كما أننا لا يمكننا الزعم بأن خامنئي يمثّل آراء الحكومة الرسمية، بمن فيهم الرئيس مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي، اللذان كانا يُطالبان كلَّ من هو مستعد للاستجابة لدعوتهما باتخاذ خطوات لوقف الأعمال العدائية.

من المؤكد أن هذه اللعبة المزدوجة قد تكون تكراراً لما يستخدمه النظام الإيراني في كثير من الأحيان لخداع القوى الغربية، والتماس التعاطف في الأوساط اليسارية و«التقدمية» في باريس ولندن وواشنطن.

ومع ذلك، أعتقد أن المزاج العام في إيران، بما في ذلك في الأوساط الحاكمة، يعارض موقف خامنئي «حتى آخر قطرة دم»؛ ولو فقط لأن الناس يعرفون أن هذا موقف من زعيم آمِن شخصياً في مكانه السري.

إن تحدي خامنئي لا يعكس المزاج السائد في الدوائر الداخلية ذات التأثير في طهران. ولم يتبنَّ أي من الجنرالات الاثني عشر - العاملين أو المتقاعدين الذين لا يزال النظام يحتفظ بهم - موقف خامنئي المتشائم.

من بين قادة «الحرس الثوري» الذين لا يزالون على قيد الحياة، لم يُطلق سوى واحد منهم، وهو محسن رضائي مير قايد، نيرانه ضد إسرائيل والولايات المتحدة. ومع ذلك، يُنظر إليه عموماً على أنه أشبه بممثل كوميدي؛ غالباً ما يستعرض عضلاته. كما لا توجد أي إشارة إلى العدد اللامتناهي من الجنرالات ذوي النجمة الواحدة الذين احتلوا الأثير الإيراني والشاشات الإيرانية بوجودهم المتباهي لعقود. ومن رجال الدين وحده نوري حمداني قال إن «أنصار خامنئي» في طريقهم إلى القدس عبر كربلاء، في حين أن الحركة في الواقع تسير في الاتجاه المعاكس.

وأخيراً، تحاول رسالة خامنئي تصويره على أنه مستشار حسن النية لترمب؛ إذ يقول: «دخول أميركا في هذه المشكلة سيكون ضد مصالح الولايات المتحدة بالكلية. وسوف تتضرر الولايات المتحدة وتعاني أكثر مما ستعاني إيران».

نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط