وسط التصعيد العسكري المتسارع بين إيران وإسرائيل، أصبح ميناء حيفا – أحد أبرز شرايين الاقتصاد الإسرائيلي – هدفًا مباشرًا للطائرات المسيّرة الإيرانية.
في هجوم يعدّ الأول من نوعه على هذا المرفق البحري الحساس، تتزايد التساؤلات حول تأثير الضربات على الاقتصاد الإسرائيلي، وإمكانية تحوّل الميناء إلى نقطة ضعف استراتيجية في صراع قد يمتد.
يقع ميناء حيفا على ساحل البحر المتوسط، ويمتد لمسافة 3 كيلومترات على شاطئ المدينة، بمساحة تبلغ نحو 6.5 كم².
يضم الميناء بنية تحتية متطورة تشمل:
تقع محطة توليد الكهرباء ضمن منشآت شركة بازان قرب ميناء حيفا، وتُستخدم لتوليد البخار والكهرباء اللازمين لتشغيل مصفاة الوقود والمرافق الصناعية بالميناء.
تُعد جزءاً من منظومة الطاقة في المدينة الساحلية، وتعتبر ذات قدرة موسّعة، إذ تتراوح طاقتها بين 282 إلى 725 ميغاواط حسب نوع الوحدات .
في فجر 16 يونيو، استُهدفت محطة الكهرباء بصواريخ إيرانية، مما تسبب في اشتعال حرائق وتضرر أنابيب رئيسية، وهو ما أكّدته شركة "أمبري" البريطانية والمصادر الإسرائيلية.
أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة موظفين من شركة بازان، وتسبب بأضرار كبيرة منعتها من الاستمرار في توليد البخار والكهرباء
تقع في منطقة خليج حيفا، وهي جزء من مجمع "بزان غروب" التابع لـ Oil Refineries Ltd، أكبر مؤسسة تكرير وبتروكيميائيات في إسرائيل
القدرات الإنتاجية: قادرة على تكرير نحو 197,000 برميل يومياً (حوالي 26,600 طن) من النفط الخام.
التكامل الصناعي: تضم وحدات تكرير (تقسيم، هدرجة، كسر الفرانكشن)، إلى جانب مصانع بوليمرات وأمونيا تعمل بها "Carmel Olefins" و"Gadiv Petrochemical"
تُعتبر قاعدة حيفا البحرية (Haifa Naval Base أو "بحرية باخ") المرفأ الرئيسي للبحرية الإسرائيلية على ساحل المتوسط، وهي المركز الأكبر للقوات البحرية ضمن إسرائيل.
تقع القاعدة في شمال ميناء حيفا وتمتد ضمن الميناء والعقارات المحاذية له، مما يوفر لها حماية طبيعية وقدرة تشغيلية عالية .
المهام الأساسية تشمل تأمين خطوط الملاحة، الدفاع الساحلي والبحري، تنفيذ عمليات هجومية، دعم القوات البرية والجوية، والمشاركة في التدريب مع الولايات المتحدة وقيادات دولية أخرى .
تقع خزانات الوقود شمال ميناء حيفا، ضمن "مزرعة الخزانات" النووية (Tank Farm) التابعة لشركة الموانئ الإسرائيلية
تضم عشرات الخزانات الدائرية الضخمة، بقدرة تخزين تُقدّر بـ 937,000 متر³ وفق تقارير سابقة/ تخدم هذه الخزانات الصهاريج لشحن النفط والغاز من مصفاة بازان وتوز
تجاور هذه المنشآت مناطق سكنية، مما يضاعف من خطورة أي استهداف عسكري، سواء على مستوى الخسائر البشرية أو الكوارث البيئية.
ميناء حيفا يُعد الأكبر بين الموانئ الإسرائيلية الثلاثة، ويستحوذ على أكثر من 36% من إجمالي حركة الشحن البحري في إسرائيل، حيث تعامل في عام 2023 مع أكثر من 22 مليون طن من البضائع.
ويُستخدم لتصدير الغاز الطبيعي والنفط، ويشكل محورًا رئيسيًا في ربط إسرائيل تجاريًا بدول أوروبا والبحر المتوسط. كما يتميز بارتباطه بسكك حديدية داخلية، ما يجعله مركزًا لوجستيًا عسكريًا وتجاريًا في آن واحد.
في مطلع 2023، تم تخصيص الميناء لصالح تحالف مكوّن من شركة "أداني" الهندية (تمتلك ثلثي الأسهم) وشركة "غادوت" الإسرائيلية (الثلث المتبقي)، مقابل صفقة قيمتها 1.15 مليار دولار، هذا التحالف الدولي يطرح تساؤلات حول أمان الاستثمار في البنية التحتية الإسرائيلية تحت وطأة التهديدات.
منذ ليلة الجمعة وحتى مساء الأمس، تعرض الميناء لأكثر من ضربة جوية استهدفت:
محطة الكهرباء.
مصنع الأمونيا.
مرافق تخزين وقود.
ورغم أن الحكومة الإسرائيلية قللت من الأضرار، مؤكدة أن "التأثير محدود"، إلا أن القلق تزايد داخليًا بشأن أمن الممرات التجارية البحرية، خاصة بعد تضرر منشآت طاقوية مهمة.
وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني حافظت على تقييم إسرائيل عند مستوى "A"، لكنها أبقت على نظرة مستقبلية سلبية، في إشارة إلى مخاطر أمنية قد تؤثر على الاقتصاد في حال استمرار الهجمات على البنية التحتية الحيوية.
تحوّل ميناء حيفا من رمز للنمو البحري والتجاري إلى هدف استراتيجي هش في ظل استمرار التصعيد، ما يفتح الباب أمام إعادة تقييم منظومة الحماية للموانئ، خصوصًا أن معظم الشحن البحري الإسرائيلي يمر عبر هذا الميناء الحيوي.