تواصل إسرائيل حملتها الإعلامية والسياسية لتبرير هجماتها الأخيرة على إيران، مستندة إلى ما تصفه بـ"التهديد النووي الإيراني"، رغم نفي طهران المتكرر لسعيها لامتلاك أسلحة نووية.
وتكشف التقارير الدولية أن المزاعم الإسرائيلية لا تستند إلى معلومات استخباراتية حقيقية، بل تهدف لحشد التأييد الدولي، خصوصًا من الولايات المتحدة.
خلال الساعات الماضية، ادعى جيش الاحتلال نجاحه في "تقليل قدرات إيران النووية" عبر ضربات جوية استهدفت منشآت داخل الأراضي الإيرانية. غير أن هذه الرواية تتناقض مع تقييمات الاستخبارات الأميركية، التي أكدت – وفق ما نشرته وكالة "بلومبرغ" – أن إيران لا تسعى بشكل نشط لامتلاك سلاح نووي، وأن الهجمات الإسرائيلية لن تؤدي سوى لتأخير البرنامج لأشهر قليلة.
صحيفة "ذا تايمز" البريطانية نقلت عن كيلسي دافنبورت، مديرة منع الانتشار النووي في منظمة الحد من الأسلحة، أن المنشآت الإيرانية الرئيسية، مثل "فوردو" و"نطنز"، تقع في أعماق كبيرة تحت الأرض، مما يجعل تدميرها "مهمة شبه مستحيلة" دون دعم أميركي مباشر.
وبحسب الصحيفة، فإن منشأة "فوردو" تحديدًا بُنيت داخل مجمع أنفاق على عمق يُقدّر بنصف ميل، مما يضعف فعالية أي هجوم جوي تقليدي.
يرى محللون أن إسرائيل لا تستهدف فقط تقويض البرنامج النووي الإيراني، بل تسعى أيضًا إلى جرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع طهران.
إذ لا تملك تل أبيب القدرة العسكرية الكافية لتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية بمفردها، وتعتمد في ذلك على قنابل خارقة للتحصينات لا توجد إلا في الترسانة الأميركية.
يتزامن التصعيد مع أزمة سياسية داخلية تعيشها إسرائيل، وضغوط دولية متزايدة بسبب الحرب في غزة، ما يرجّح أن تكون الضربات محاولة للهروب إلى الأمام، وتوحيد الجبهة الداخلية تحت غطاء "الخطر الإيراني".
وهي استراتيجية مألوفة تعتمد على تهويل التهديدات الخارجية لصرف الأنظار عن المأزق الداخلي.
تعيش منطقة الشرق الأوسط واحدة من أخطر مراحل التوتر الإقليمي، بعد أن تحوّل الصراع الخفي بين إيران وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية مباشرة لأول مرة منذ عقود، وسط تخوّف عالمي من اتساع رقعة الحرب.
بدأت شرارة الحرب الإسرائيلية الإيرانية بالاشتعال مساء 13 أبريل 2024، عندما نفّذت إيران هجومًا واسعًا بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية على أهداف داخل الأراضي الإسرائيلية، ردًا على استهداف طيران إسرائيلي لمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق في بداية الشهر ذاته، ما أسفر عن مقتل عدد من كبار الضباط في "الحرس الثوري الإيراني"، بينهم الجنرال محمد رضا زاهدي.
الضربة الإيرانية وُصفت حينها بـ"غير المسبوقة"، حيث تم إطلاق أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصاروخ دفعة واحدة، وقد تم اعتراض معظمها من قبل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأميركية والبريطانية بمساعدة من الأردن.
في وقت لاحق، وتحديدًا فجر 19 أبريل 2024، ردّت إسرائيل بشنّ هجوم محدود على أهداف عسكرية داخل إيران، أبرزها منشآت بالقرب من مدينة أصفهان.
ورغم تأكيد إسرائيل أن الضربة كانت "رسالة ردع"، إلا أن وسائل إعلام إيرانية أشارت إلى أن الهجوم لم يُسفر عن أضرار استراتيجية كبيرة.
ومنذ تلك اللحظة، تصاعدت التوترات بشكل متسارع، فيما استمرت تل أبيب في الترويج لـ"خطر السلاح النووي الإيراني" كمبرر لاستمرار العمليات.
ادّعى جيش الاحتلال أنه نجح في "إضعاف قدرات إيران النووية"، إلا أن تقارير استخباراتية أميركية كشفت – بحسب "بلومبرغ" – أن إيران لم تكن تسعى بشكل نشط لامتلاك قنبلة نووية، وأن الهجمات الإسرائيلية ربما أعاقت البرنامج لأشهر فقط دون تعطيله فعليًا.