في خضم التصعيد العسكري المتبادل بين إيران وإسرائيل، تعيش الضفة الغربية الفلسطينية أوضاعًا ميدانية وإنسانية متدهورة، إذ تستغل سلطات الاحتلال الإسرائيلي هذه الأجواء لتنفيذ مزيد من الانتهاكات بحق السكان الفلسطينيين، وسط صمت دولي واضح وعجز المجتمع الدولي عن التدخل.
منذ اندلاع الاشتباك بين طهران وتل أبيب عبر موجات القصف الجوي والصاروخي، فرض الاحتلال طوقًا خانقًا على الضفة الغربية، كثّف من إغلاقاته للطرق الرئيسية والمعابر الداخلية، باستخدام الحواجز الثابتة والمكعبات الإسمنتية، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الحركة بين المدن والقرى، وخاصة على الصعيد التجاري، مما فاقم من معاناة المواطنين الاقتصادية.
على الأرض، لم يكتفِ الاحتلال بتقييد الحركة، بل استمر في تنفيذ عمليات اقتحام وهدم واعتقالات، طالت عشرات المنازل والمواطنين في مناطق مثل جنين وطولكرم ونور شمس، وبحسب مصادر محلية، فإن غالبية المعتقلين هم من الأسرى المحررين، في خطوة تعكس سياسة الانتقام الممنهجة.
ورُصدت تحركات ميدانية لجيش الاحتلال على جبل ترسلا شمال بلدة جبع، حيث شرع الاحتلال في نصب بطاريات "القبة الحديدية" للدفاع الجوي، ما يشير إلى تخوف حقيقي من امتداد الصراع نحو الضفة، أو احتمال استهداف المستوطنات هناك في حال توسع رقعة الحرب.
في سياق متصل، واصلت ميليشيات المستوطنين اعتداءاتها المنظمة، حيث اقتحم العشرات منهم أراضي سهل ترمسعيا شمال رام الله، وأضرموا النيران في الأراضي الزراعية، في حين أمّنت قوات الاحتلال الغطاء الكامل لهذا الاعتداء، وأطلقت الرصاص الحي لتفريق المدنيين الذين حاولوا صد الهجوم.
من بين الحوادث التي أثارت غضبًا واسعًا، استشهاد شاب فلسطيني في قرية الغلجة قضاء بيت لحم، بعد أن اعتُقل مصابًا وتُرك دون علاج، رغم مطالبات أهله والمؤسسات الطبية بنقله للعلاج. الحادثة أعادت تسليط الضوء على سياسة الإهمال الطبي التي ينتهجها الاحتلال تجاه المعتقلين والمصابين الفلسطينيين.
كما شهد مخيم بلاطة شرق نابلس وبلدة أبو ديس وقرية ميثلون شمال الضفة، اقتحامات وعمليات تفريغ للمنازل من ساكنيها، وتحويلها إلى مواقع عسكرية مغلقة يستخدمها جنود الاحتلال كمراكز مراقبة وتمركز.
يرى مراقبون أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول عبر هذا التصعيد الداخلي في الضفة تصدير أزمته الأمنية وتحويل الانتباه عن تداعيات الاشتباك مع إيران، كما يعكس سلوك الجيش والمستوطنين شعورًا متزايدًا بالحصانة نتيجة التراخي الدولي في مساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها.
في ظل هذا التصعيد المركب، تبقى الضفة الغربية مسرحًا مفتوحًا لعمليات الاحتلال، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن كبح جماح الانتهاكات اليومية التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين في مشهد يؤكد أن الاحتلال لا يحتاج إلى صواريخ كي يصعّد، بل إلى لحظة مناسبة فقط.
كانت إيران، أطلقت مساء أمس الثلاثاء، موجة عاشرة من الهجمات الصاروخية الإيرانية، باتجاه الكيان الإسرائيلي، مستهدفة قواعد جوية للجيش الإسرائيلي، وهي القواعد التي تنطلق منها طائرات مقاتلة باتجاه إيران.
كانت إسرائيل شنَّت، فجر يوم الثالث عشر من يونيو الجاري، غارات جوية استهدفت منشآت نووية وعسكرية في إيران، وأسفرت عن سقوط قتلى من القادة والعلماء، إضافة إلى عدد من الضحايا المدنيين.
وردت إيران بإطلاق وابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه أهداف عسكرية وصناعية في الأراضي المحتلة، ما أثار مخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة أوسع تهدد الاستقرار الإقليمي.