تتموقع تونس اليوم كمنظومة محفزة لظهور شركات رقمية مبتكرة، بفضل الحوافز الجبائية والإدارية التي تجعل منها أرضًا خصبة للمواهب الشابة، وتعزز حضورها على الساحة التكنولوجية العالمية.
وتدل المبادرات الحكومية، المدعومة بإرادة سياسية واضحة، على طموح معلن لجعل تونس فاعلًا رئيسيًا في المجال الرقمي بإفريقيا وخارجها.
وفي هذا السياق، تحتضن تونس من 9 إلى 11 سبتمبر 2025 فعاليات الدورة الثانية من الصالون الإفريقي لتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والشركات الناشئة «BIGTECH AFRICA».
وتُقام هذه التظاهرة تحت شعار «تشكيل مستقبل التكنولوجيا في إفريقيا»، بمشاركة شركات ومؤسسات ناشئة إلى جانب أبرز الفاعلين في مجال التكنولوجيا الحديثة في القارة، وتتمحور الدورة الثانية من «Bigtech Africa» حول أثر التكنولوجيا على إفريقيا ومستقبلها الرقمي.
وتتناول الجلسات المبرمجة عدة مواضيع، من بينها: الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاعي المالية والاتصالات، التكنولوجيا في خدمة التنمية المستدامة والشاملة، قمة الاستثمار الإفريقية للشركات الناشئة (ASIS)، التجارة الإلكترونية كرافعة للقارة، التكنولوجيا والإدماج الرقمي، ومستقبل الابتكار والتكنولوجيا عالميًا.
ولا يقتصر «BIGTECH AFRICA»، وفقًا للجهة المنظمة، على عرض أحدث الابتكارات في عالم التكنولوجيا، بل يُعد فرصة لإبراز ابتكارات الشركات، والتواصل مع رواد التكنولوجيا محليًا وإفريقيًا، واستكشاف أحدث التوجّهات في هذا القطاع المتسارع.
في ظل الحركية الرقمية العالمية، تفرض تونس نفسها كمركز جذب للشركات الناشئة والمبادرين المبتكرين، بفضل منظومة تشجيعية تشمل حوافز ضريبية وإدارية.
وتسعى هذه الاستراتيجية الطموحة إلى تموقع البلاد كقطب تكنولوجي إقليمي قادر على منافسة أقوى المنظومات حول العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن تونس تدعم بشكل فعّال التوسع الدولي للشركات الناشئة، من خلال إتاحة فتح حسابات بالعملة الصعبة للاستثمار الحر بالخارج، وبطاقات تكنولوجية بسقوف إنفاق أعلى مخصصة لمجال الابتكار.
وتشجع هذه الإجراءات المبادرين على استكشاف أسواق جديدة وبناء شراكات استراتيجية، ما يعزز قدرتهم التنافسية على الصعيد العالمي، وبحسب مؤسسة «Invest in Tunisia»، يُعتبر القطاع الرقمي رافعة أساسية للنمو الاقتصادي في البلاد.
سجّلت ميزانية تونس فائضًا قدره 2 مليار دينار خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، مسجلة زيادة بنسبة 74٪ مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، وذلك وفقًا للبيان المتعلّق بـ"النتائج المؤقتة لتنفيذ الميزانية" الصادر عن وزارة المالية في تونس.
يعزى هذا الأداء أساسًا إلى ارتفاع الموارد الميزانية بنسبة 3,9٪، لتبلغ 12,5 مليار دينار، وقد سجّلت المداخيل الجبائية زيادة بنسبة 7,7٪ لتصل إلى 11,2 مليار دينار، في حين ارتفعت المداخيل غير الجبائية بنسبة طفيفة بلغت 2٪، لتناهز 1,2 مليار دينار.
وحافظت النفقات العمومية على استقرار نسبي في حدود 10,3 مليار دينار، بتراجع طفيف قدره 0,6٪، غير أن بعض أبواب الإنفاق شهدت تغيرات لافتة :
+3٪ في نفقات التأجير، لتبلغ 5,48 مليار دينار.
+16٪ في التدخلات العمومية، بما يعادل 2,4 مليار دينار.
-33,7٪ في نفقات الاستثمار، لتقتصر على 0,5 مليار دينار.
-27,7٪ في نفقات التصرف، لتنخفض إلى 0,2 مليار دينار.
وتراجعت أعباء التمويل (فوائد الدين) بنسبة 10,4٪ لتبلغ 1,6 مليار دينار، مقابل 1,8 مليار دينار خلال السنة الماضية.
في المقابل، ارتفعت كلفة خدمة الدين العمومي الإجمالية بنسبة 26٪ لتتجاوز 9 مليارات دينار، منها 57٪ متعلّقة بالدين الخارجي، أي ما يعادل حوالي 5,2 مليار دينار.
كما قفزت موارد الخزينة بنسبة 49,8٪ لتصل إلى 5,5 مليار دينار، وقد خُصّصت أساسًا لسداد أصل الدين.
لا تزال بنية النفقات العمومية تتوزع على النحو التالي:
53,2٪ لنفقات التأجير.
23,3٪ للتدخلات.
15,9٪ لأعباء التمويل.
5٪ للاستثمار.
2,6٪ لنفقات التصرف.
وبالتالي، فإن مؤشرات ميزانية الثلاثي الأول من سنة 2025 تعكس تحسنًا في المداخيل الجبائية وانضباطًا في النفقات، غير أن العبء المتزايد لخدمة الدين، خاصة الخارجي، يبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز ديمومة المالية العمومية في تونس وإعادة التوازن إلى أولويات الاستثمار والتصرف.