يُمثل مؤتمر الإعلام العربي في دورته الرابعة المنعقد خلال الفترة الحالية في العاصمة العراقية بغداد، منصةً استراتيجيةً لتوحيد الجهود الإعلامية العربية في مواجهة التحديات المشتركة وأبرزها تحديات أزمة التغير المناخي الذي بات يهدد الأمن البيئي والاقتصادي للعالم العربي.
ما تحقق من نجاح في قمة بغداد الأخيرة ولاسيما المبادرات التي اطلقها رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، التي عبرت بمجملها عن حاجات الإنسان العربي في ظل ظروف معقدة وصعبة تعيشها أمتنا العربية، ليستثمر هذا النجاح من قبل القيادة العراقية، لانجاح أشغال المؤتمر الرابع بحضور عربي ودولي كبير .
حشدت شبكة الإعلام العراقي برئاسة الزميل الاستاذ كريم حمادي، كل طاقتها وخبراتها في هذا المؤتمر لتحقيق العديد من الأهداف أولهما دمج الذكاء الاصطناعي في الإعلام البيئي لتعزيز المصداقية، ومكافحة المعلومات الزائفة، وتحليل البيانات المناخية، بالإضافة إلى بناء شراكات عربية بين المؤسسات الإعلامية والبحثية لإنشاء قواعد بيانات موحدة حول التغير المناخي، وتعزيز السردية البيئية عبر تبسيط المصطلحات العلمية وجعلها قريبة من الجمهور، مع التركيز على العدالة البيئية وحقوق المتضررين.
وتأتي أهمية المنتدى، أولًا في مواكبة التحول الرقمي، حيث يناقش المؤتمر دور الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى دقيق حول المناخ، مثل التنبؤ بالكوارث الطبيعية (الفيضانات، الحرائق) عبر تحليل البيانات.
كما يُسلط المنتدى الضوء على ضرورة حوكمة الذكاء الاصطناعي لضمان شفافية الخوارزميات وتجنب التحيز أو التضليل، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الأخلاقية، إذ أنه يُناقش أخلاقيات استخدام البيانات المناخية، خاصة مع انتشار "الأخبار المزيفة" التي تُعيق جهود التوعية.
ويُطالب المؤتمر بإنشاء مراصد إعلامية عربية لرصد المعلومات الزائفة ووضع معايير محلية للإعلام البيئي، وتعزيز التكامل العربي، من خلال التأكيد على دور الإعلام في توحيد الخطاب العربي حول قضايا مثل الطاقة النظيفة والأمن الغذائي، مستفيدًا من تجارب ناجحة (مثل الصين في الذكاء الاصطناعي).
حملت ورشات عمل المنتدى العديد من الأفكار منها، تبني خطاب إعلامي منضبط يجمع بين الحرية والمسؤولية، مع التركيز على التدريب المستمر للصحفيين في مجال البيئة.
لم يكن اختيار بغداد مقرًا للمؤتمر من فراغ فدور العراق في قيادة الحوار الإقليمي، واضحة خاصة بعد تضرره الشديد من التغير المناخي (مثل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية)، حيث إن المؤتمر يطرح فكرة مطالبة الدول الصناعية بدفع تعويضات للدول العربية الأكثر تضررًا.
مؤتمر الإعلام العربي ليس مجرد حدث إعلامي، بل خطوة نحو إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة التغير المناخي عبر إعلام هادف يعتمد على التقنية والشفافية، وتشريعات عابرة للحدود لضمان مصداقية المحتوى البيئي، وتمكين الصحفيين كشركاء في صنع القرار المناخي، وبذلك، يصبح المؤتمر جسرًا بين العلم والجمهور، وبين السياسات العربية والتحديات العالمية.
انعقاد الموتمر يعد إنجازٍ يُضاف إلى سجل العراق الحافل بالريادة، نجح مؤتمر الإعلام العربي في دورته الرابعة ببغداد في أن يكون منصةً عربيةً استثنائيةً تجسد رؤية القيادة العراقية واهتمامها البالغ بدور الإعلام كشريكٍ استراتيجي في مواجهة التحديات، وعلى رأسها التغير المناخي.
وبرز دور رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني كحاضنٍ رئيسي لهذا الحدث العالمي، حيث أكدّت الدولة العراقية، تحت قيادته، على أهمية الإعلام في تعزيز الوحدة العربية ومواجهة الأزمات المشتركة.
جاء هذا الدعم امتدادًا لسلسلة النجاحات التي حققها العراق مؤخرًا، بدءًا من استضافة القمة العربية ووصولًا إلى اختيار بغداد عاصمةً للسياحة العربية 2025، مما يعكس الاستقرار السياسي والنهضة الشاملة التي تشهدها البلاد.
لقد، أثبتت شبكة الإعلام العراقي قدرتها على تنظيم حدثٍ إعلاميٍ بحجم المؤتمر، الذي ضمَّ أكثر من 200 قيادة إعلامية عربية وعالمية، وهو ما يُعدّ سابقةً في تاريخ المؤتمرات الإعلامية بالمنطقة.
هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا البنية التحتية المتطورة التي وفرتها الشبكة، والخبرات العراقية المتراكمة في إدارة الفعاليات الكبرى، والالتزام برسالة الإعلام الهادف الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ولابد أن أعرج على الجنود المجهولين الذين عملوا على نجاح هذا الحدث المهم، هولاء الجنود الذين ضحوا بوقتهم وراحتهم دون أن تذكر اسمائهم ، فلهم من كل المشاركين أجمل كلمات الشكر والثناء.
شهد مؤتمر الإعلام العربي الرابع في بغداد حضوراً لافتاً لنخبة من القيادات الإعلامية والسياسية العربية، مما أضفى على الفعالية طابعاً مميزاً ومستوى رفيعاً من الحوار البناء.
نجح العراق في استقطاب العديد من الخبراء الدوليون في الإعلام والذكاء الاصطناعي، موشر واضح على تعافي العراق، وعودة لأن يلعب العراق دوره البارز في محيطه العربي والعالمي.
نقلا عن صحيفة الزمان العراقية .