كشفت عدة تقارير عن اعتزام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تعيين مبعوث خاص إلى سوريا، في خطوة تشير إلى التسارع الكبير في تطبيع العلاقات بين واشنطن ودمشق .
وفي هذا الصدد وبالرغم من عدم الإعلان الرسمي من الخارجية الأمريكية، عن هوية الشخص الذي وقع عليه الاختيار لشغل المنصب المتحدث، إلا أن مصادر دبلوماسية كشفت أنه توماس باراك، وهو السفير الحالي لواشنطن في أنقرة، ويُوصف بأنه "أقرب المقربين" من ترامب.
وكان باراك شارك مؤخراً في اجتماعات أمريكية تركية تناولت مستقبل سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد؛ ما يعزّز الأنباء عن اختياره للمنصب.
وفي وقت سابق، عُقد اجتماع أميركي - تركي ركز على سورية، في واشنطن، بحضور باراك، بحسب وزارة الخارجية التركية التي قالت إنه تمت مناقشة تخفيف العقوبات وجهود مكافحة الإرهاب. وكانت الولايات المتحدة تسعى إلى اتباع نهج تدريجي لتخفيف العقوبات على سورية حتى أتى إعلان ترامب أنه أمر «برفع العقوبات»، بهدف منح سورية فرصة للتعافي من الحرب المدمرة.
وقال إنه اتخذ القرار بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
رجل أعمار ملياردير، ومستثمر عقاري، وأقرب المقرّبين من ترامب، ففضلاً عن صداقتهما القديمة، فهو مستشار سياسي للرئيس الأمريكي، وأدى دوراً بارزاً في نجاح حملته الانتخابية الأولى في 2016.
وُلد توماس جوزيف باراك 28 أبريل 1947، في ولاية كاليفورنيا لعائلة من أصل لبناني، إذ هاجر أجداده من مدينة زحلة في لبنان إلى الولايات المتحدة عام 1900.
نشأ باراك في مدينة كلفر سيتي، وهناك تلقى تعليمه الجامعي، من جامعة جنوب كاليفورنيا (USC)ليتخرج فيها عام 1969 حاصلاً على درجة البكالوريوس في التاريخ، ورغم هواياته الرياضية وتميّزه ضمن فريق الرجبي في الجامعة، إلا أنه واصل دراساته في تخصص آخر، إذ التحق بكلية الحقوق، ثمّ محرراً في مجلّتها.
حصل باراك في 1972 على درجة الدكتوراه من جامعة سان دييغو، لكنّه سيُحول مسار حياته، عندما يهاجر إلى المملكة العربية السعودية، للعمل هناك طوال فترة السبعينيات، ليتعلّم اللغة العربية بطلاقة، ويبدأ حياة اقتصادية ستعرف فيما بعد نجاحات وتوسعاً ربّما كانت بدايته من محل بقالة صغير كان لوالده في كاليفورنيا.
في السعودية أيضاً اكتسب باراك خبرة مبكرة في المنطقة، مؤسّساً علاقات مع مستثمرين من الشرق الأوسط، قبل أن يدخل عام 1985 قطاع الاستثمار العقاري الخاص، ليعقد أول صفقة بارزة مع دونالد ترامب حين باعه حصة في سلسلة متاجر ألكسندرز الشهيرة.
وسيحقق نجاحات كبيرة في اقتناص الأصول والعقارات المتعثرة وتحويلها إلى أرباح، ثم يتوسع في استثمارات عالمية متنوعة، ليستثمر مئات ملايين الدولارات في العقارات في الشرق الأوسط وأوروبا، ويشتري أصولاً بارزة مثل فندق بلازا في نيويورك ومنتجع "نيفرلاند" الشهير الذي كان يمتلكه مايكل جاكسون.
نجاحات باراك تواصلت لعقود دون انقطاع أو تعثر، حتى يصبح ضمن قائمة مجلة فوربس لأغنى أثرياء العالم؛ إذ احتل المرتبة 833 عالمياً بثروة تُقدّر بـ1.1 مليار دولار في 2011. وعلى الرغم من تراجع ثروته لاحقاً عن عتبة المليار، سيظل باراك شخصية مؤثرة في عالم الاستثمار، حتى الآن.
إلى جانب الاقتصاد، "استثمر" باراك أيضاً في السياسة منذ لقائه الأول مع ترامب، لتتوطد العلاقة بينهما على مدى العقود، فيصبح أحد أبرز الداعمين الماليين للحملة الانتخابية الأولى للرئيس الأمريكي في عام 2016، حيث جمع التبرعات وساهم في تمويل الحملة كجزء من كبار مموليها.
كما لعب باراك دور المستشار خلف الكواليس، إذ حاز ثقة ترامب، لكنه نأى بنفسه عن تولي أي منصب رسمي بارز، إذ كشفت تقارير صحفية حينها رفضه عروضاً لشغل مناصب مثل وزير الخزانة أو سفير واشنطن لدى المكسيك.
وظل داعماً وفياً لصديقه السياسي وشريكه الاقتصادي، وعندما ترشّح دونالد ترامب مجدداً للرئاسة في انتخابات 2024 وفاز بها، اختار باراك لتولي منصب دبلوماسي رفيع، ففي ديسمبر 2024، أعلن الرئيس المنتخب آنذاك نيته ترشيح توماس ليشغل منصب سفير الولايات المتحدة في الجمهورية التركية، متحدياً كل الأصوات المعارضة.
يأتي القرار الذي تم الكشف عنه اليوم بعد إعلان ترامب المهم قبل أيام رفع العقوبات الأميركية على سورية بعد سقوط نظام الأسد.