دراسات وأبحاث

إيران تحت المجهر الإسرائيلي.. تعثّر «الاتفاق النووي» قد يُطلق شرارة المواجهة

الخميس 22 مايو 2025 - 06:38 ص
مصطفى عبد الكريم
إيران و إسرائيل -
إيران و إسرائيل - صورة تعبيرية

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتعقّد مسارات التفاوض بشأن «الملف النووي الإيراني»، تتجه الأنظار نحو تل أبيب التي تُكثف من تحركاتها وتحذيراتها العلنية، وكأنها تتهيأ لمرحلة "ما بعد الدبلوماسية". فبينما تتعثر المحادثات الدولية لإحياء الاتفاق النووي، تضع إسرائيل، طهران تحت مجهر أمني واستخباراتي مُكثف، وتُلوّح بالخيار العسكري بوصفه «الأداة الأخيرة» إذا فشلت أدوات الضغط السياسي والاقتصادي. 

عين على طهران واليد على الزناد.. إسرائيل تترقب انهيار الاتفاق النووي

ويبدو أن إسرائيل لم تعد تثق بإمكانية ردع «المشروع النووي الإيراني» عبر القنوات التقليدية، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات تصعيدية قد تُشعل المنطقة برمتها، في حال انهارت المساعي الدبلوماسية بالكامل.

وتزايدت المؤشرات على أن إسرائيل تُسرّع استعداداتها لشن هجوم مُحتمل على «المنشآت النووية الإيرانية»، في حال فشل المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران.

599 Iran Israel Conflict Stock Video Footage - 4K and HD Video Clips |  Shutterstock
إيران و إسرائيل

وأفاد مصدران إسرائيليان مطلعان لموقع «أكسيوس» الأمريكي، أن تقديرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تحوّلت مُؤخرًا من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة إلى الاعتقاد بأن المفاوضات باتت قاب قوسين من الانهيار.

إسرائيل ترى فرصة محدودة لضرب إيران

ويعتقد «جيش الاحتلال الإسرائيلي»، حسب المصادر ذاتها، أن النافذة العملياتية لتنفيذ ضربة ناجحة قد تُغلق قريبًا، ما يفرض على تل أبيب التحرك بسرعة إذا فشلت المفاوضات.

وأكدت المصادر، أن جيش الاحتلال، يُجري تدريبات واستعدادات عملياتية لهذا السيناريو، مُشيرة إلى أن "الجيش الأمريكي يرى كل هذه التحركات ويُدرك أن إسرائيل تستعد".

قلق أمريكي من تحرك إسرائيلي أحادي ضد إيران

وفي الوقت ذاته، نقل «أكسيوس»، عن مسؤول أمريكي، قلق إدارة ترامب من احتمال أن يتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، قرارًا بالهجوم دون الحصول على ضوء أخضر من البيت الأبيض.

وأشار أحد المصادر الإسرائيلية إلى أن "نتنياهو ينتظر انهيار المحادثات النووية واللحظة التي سيشعر فيها ترامب بخيبة أمل من المفاوضات ليُوافق على العملية".

وأوضحت المصادر أن الهجوم الإسرائيلي المُحتمل لن يكون مُجرد ضربة خاطفة، بل "حملة عسكرية قد تستمر أسبوعًا كاملًا على الأقل"، ما يجعلها عملية مُعقّدة ومحفوفة بالمخاطر لجميع أطراف النزاع والمنطقة بأكملها.

تضارب في الخطوط الحمراء

ولفت «أكسيوس» إلى أن الأزمة الحالية تتمحور حول مسألة جوهرية تتعلق بقدرة إيران على «تخصيب اليورانيوم»، وصرح المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف» لبرنامج «ذيس ويك» على قناة «ABC» بوضوح قائلًا: "لدينا خط أحمر واضح جدًا، وهو التخصيب.. لا يمكننا السماح حتى بنسبة (1%) من قدرة التخصيب"، في المقابل أكدت القيادة الإيرانية مرارًا أنها لن تُوقّع على أي اتفاق لا يسمح لها بالتخصيب.

وتُشير المعلومات المتاحة إلى أن المفاوضين الأمريكيين قدموا اقتراحًا مكتوبًا للجانب الإيراني خلال الجولة السابقة، وكانت هناك مُؤشرات على إمكانية التوصل إلى اتفاق، قبل أن تصطدم المحادثات بهذه العقبة الرئيسية.

ومن المقرر أن تنطلق الجولة الخامسة من المفاوضات غدًا الجمعة في العاصمة الإيطالية «روما».

قلق إقليمي من تداعيات ضربة إسرائيلية مُحتملة

وذكر الموقع الأمريكي، أن مخاوف كبيرة تسود دول المنطقة من النتائج المُحتملة لأي ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، خاصة في ظل تقديرات بانتشار إشعاعات نووية وخطر انزلاق المنطقة إلى صراع واسع.

Report on Status Iran Nuclear Program - USNI News
مفاعلات إيران النووية

وبحسب مسؤول إسرائيلي، عقد «نتنياهو» اجتماعًا شديد الحساسية مع مجموعة من كبار الوزراء ومسؤولي الأمن والاستخبارات في وقت سابق من هذا الأسبوع؛ لمناقشة وضع المفاوضات النووية.

نتنياهو يُروّج لوحدة الموقف مع واشنطن تجاه طهران

وفي أول مؤتمر صحفي له منذ ستة أشهر، قال «نتنياهو»، يوم الإثنين الماضي، إن إسرائيل والولايات المتحدة مُتوافقتان تمامًا بشأن الملف الإيراني، قائلًا: "نحترم مصالحهم وهم يحترمون مصالحنا، وهي تتداخل بشكل شبه كامل".

وأوضح «نتنياهو»، أنه سيحترم أي اتفاق يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم ويحول دون حصولها على سلاح نووي، مُستدركًا: "في أي حال، تحتفظ إسرائيل بحق الدفاع عن نفسها من نظام يُهدد بإبادتها".

الخارجية الإيرانية: «الولايات المتحدة تُعقّد مفاوضات الاتفاق النووي»

في غضون ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، «عباس عراقجي»، أن التخبط في التصريحات الأمريكية بشأن «إيران» يُعدّ سببًا رئيسًا في تعثر مفاوضات الاتفاق النووي.

وكان الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، قد صرح سابقًا بأن على إيران التحرك بسرعة فيما يتعلق بإبرام اتفاق نووي جديد، مُضيفًا أنه في حال عدم القيام بذلك "سيحدث شيء سيء".

ونقل الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية على «تلجرام» عن الوزير قوله: إن "المواقف والتصريحات المتناقضة للقيادة الأمريكية هي السبب في تعقيد الجزء الأكبر من عملية التفاوض وتزايد الشكوك حول جدية واستعداد الولايات المتحدة للعمل بما يتناسب مع مقتضيات العملية الدبلوماسية"، مُؤكدًا أن "الجمهورية الإسلامية، رغم الضجة الإعلامية، ستُواصل السعي لتعزيز مصالحها الشرعية الأساسية في إطار القانون والاتفاقيات الدولية".

طهران لا تسعى للحرب

وفي وقت سابق من يوم السبت، صرح رئيس الجمهورية الإسلامية «مسعود بزشكيان»، أن طهران لا تسعى للحرب، وستُواصل المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي، ولا تخاف من التهديدات التي يخلطها الرئيس الأمريكي بين الحين والآخر بدعوات للسلام.

وجرت الأسبوع الماضي الجولة الرابعة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات عن طهران. هذه الجولة تأتي بعد شهر من بدء الحوار بين الطرفين، وتلاها انقطاع لأسبوعين - أطول فترة توقف خلال هذه المشاورات التي تنظمها مسقط بشكل متتابع.

وعُقدت الجولتان الأولى والثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في عُمان يومي (12 و26) أبريل على التوالي، فيما عُقدت الجولة الثانية في روما يوم (19) أبريل. جاءت هذه السلسلة الجديدة من المفاوضات بعد توقف طويل بين البلدين إثر رسالة وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أوائل مارس إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، تضمنت عرضًا لتوقيع اتفاق جديد حول البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، إلى جانب تهديد برد عسكري في حال فشل الجهود الدبلوماسية. ورفضت إيران إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، لكنها وافقت على حوار غير مباشر.

«ترامب» يُعيد التفاعل مع الملف الإيراني.. اتفاق مُحتمل وفيديو من محور طهران

وفي وقت سابق، أثار الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، الجدل مُجددًا بعد أن لمح إلى إمكانية التوصل لاتفاق قريب مع "إيران"، بالتزامن مع إعادة نشره فيديو لشخصية محسوبة على الدائرة المُقربة من المرشد الإيراني «علي خامنئي».