دراسات وأبحاث

بريطانيا تصعد ضد إسرائيل بسبب غزة.. موقف دولي متوتر وسط أزمة متفاقمة

الأربعاء 21 مايو 2025 - 12:11 ص
مصطفى سيد
الأمصار

تشهد الساحة الدولية تصعيدًا متزايدًا في الأزمة بين إسرائيل وقطاع غزة، حيث تتصاعد حدة الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط مئات الضحايا المدنيين والجرحى، بالإضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية للقطاع المحاصر. 

وهذا التصعيد دفع القوى العالمية إلى الانخراط بشكل أكثر حزمًا في محاولة لوقف العنف المتصاعد.

وفي هذا الإطار، برزت المملكة المتحدة كواحدة من الدول التي رفعت من لهجتها تجاه السياسات الإسرائيلية، حيث أعربت عن قلقها العميق إزاء التطورات الميدانية، محذرة من تداعيات استمرار القصف العشوائي على فرص السلام والاستقرار في المنطقة.

وتزامنًا مع التصعيد العسكري، تشهد غزة أزمة إنسانية طاحنة، زاد من تفاقمها الحصار المفروض منذ أكثر من عقد، ما أثار استنكارًا واسعًا على المستوى الدولي، وأثار نقاشات حول ضرورة إعادة النظر في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية.

ومن جانب آخر، تعكس التصريحات البريطانية الأخيرة تطورًا ملحوظًا في الموقف الغربي التقليدي، إذ بدأت لندن تتخذ مواقف أكثر صرامة ضد إسرائيل، تتراوح بين التهديد بإجراءات دبلوماسية واقتصادية وبين الدعوة إلى تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات بحق المدنيين.

تظهر هذه التطورات حجم الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل، في ظل مطالبة متنامية لوقف التصعيد العسكري وفتح ممرات إنسانية عاجلة لتخفيف معاناة السكان في غزة، مما يعكس حالة من عدم الرضا الدولي عن استمرار الأوضاع على ما هي عليه.

موقف بريطانيا من التصعيد

أصدرت الحكومة البريطانية بيانات شديدة اللهجة تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تؤثر بشكل مباشر على المدنيين في غزة، مؤكدة على ضرورة احترام قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف الأعيان المدنية.

وزير الخارجية البريطاني شدد على أن استمرار القصف والعمليات العسكرية يعمق الأزمات الإنسانية ويعوق أي فرص حقيقية للتوصل إلى تسوية سلمية، داعيًا إسرائيل إلى وقف إطلاق النار وفتح قنوات المفاوضات.

في تحرك دبلوماسي جديد، لم تستبعد لندن فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل إذا استمرت في تجاهل النداءات الدولية، ما يبرز تحولًا واضحًا في الموقف البريطاني الذي كان يُعتبر حتى وقت قريب أكثر حذرًا وحفاظًا على العلاقات الاستراتيجية مع تل أبيب.

البرلمان البريطاني شهد نقاشات ساخنة، مع تقديم عدد من النواب لمبادرات تدعو إلى مراجعة مبيعات الأسلحة لإسرائيل، بالإضافة إلى المطالبة بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة لفحص الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين.

الشوارع البريطانية لم تسلم من هذا التصعيد، حيث شهدت لندن وعدة مدن أخرى احتجاجات جماهيرية واسعة شارك فيها آلاف المواطنين الذين عبروا عن تضامنهم مع غزة، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات عملية لإنهاء الحصار ووقف العمليات العسكرية.

التطورات السياسية الداخلية في بريطانيا

خلال الجلسات البرلمانية، أصبح النقاش حول القضية الفلسطينية محط اهتمام واسع، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تزايدًا في دعم الرأي العام البريطاني للقضية الفلسطينية، وهو ما دفع الأحزاب السياسية إلى تصعيد لهجتها تجاه إسرائيل، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.

التقارير الصحفية في بريطانيا سلطت الضوء على دور الشركات البريطانية في تزويد إسرائيل بأسلحة وتقنيات مراقبة، ما أثار جدلاً واسعًا حول مسؤولية لندن في التصعيد الحاصل.

رغم ذلك، لا تزال هناك مقاومة داخل بعض دوائر الحكومة البريطانية التي تحذر من تأثير هذه المواقف على العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية مع إسرائيل، خصوصًا في مجالات التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي.

الأوضاع في غزة: مأساة إنسانية وسط تصعيد عسكري متواصل

في قطاع غزة، تتواصل الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت مواقع عدة منها مراكز المقاومة ومخازن الأسلحة، بالإضافة إلى المناطق السكنية المكتظة، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى يوميًا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.

قوات الاحتلال تدعي أنها تستهدف بالأساس البنية التحتية للمقاومة، لكن التقارير الميدانية تشير إلى تدمير أجزاء واسعة من المناطق المدنية، ودمار في شبكات الكهرباء والمياه، مما يفاقم من الأزمة الإنسانية.

الرد الصاروخي من الفصائل الفلسطينية لم يتوقف، حيث أطلقت آلاف الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية، وهو ما دفع تل أبيب إلى تشديد إجراءاتها الأمنية وإعلان التعبئة العامة في مناطق مختلفة.

الأزمة الإنسانية الحادة

غزة تعاني من نقص حاد في الإمدادات الأساسية، خاصة الدواء والوقود والغذاء، في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد والقيود المفروضة على دخول المساعدات.

منظمات الأمم المتحدة وحالات الطوارئ الطبية تعلن عن أوضاع مأساوية في المستشفيات التي تعمل فوق طاقتها.

انقطاع التيار الكهربائي الذي تجاوز 90% أثر بشكل مباشر على تشغيل المستشفيات ومحطات ضخ المياه، مما جعل الحياة اليومية لسكان غزة أكثر صعوبة، وسط مخاوف متزايدة من تفشي الأمراض والأوبئة.

عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية نزحت من منازلها بعد تعرضها للقصف، مما خلق أزمة نزوح داخلي ضخمة، في ظل محدودية الإمكانات لاستيعاب النازحين.

البعد السياسي والإقليمي

الأزمة في غزة لا تزال تمثل نقطة اشتعال رئيسية في المنطقة، حيث ترفض الفصائل الفلسطينية الانسحاب من مواقفها، بينما تحاول إسرائيل فرض شروطها الأمنية الصارمة، وهو ما يجعل الحل السياسي بعيد المنال في الوقت الراهن.

الجهود الدولية بقيادة الأمم المتحدة ومصر والجامعة العربية تهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار، لكن حتى الآن لم تحقق هذه الجهود نتائج ملموسة، بسبب تعقيد المشهد السياسي والضغوط الداخلية على الأطراف المتنازعة.

مصر، كدولة مجاورة، تلعب دور الوسيط الأساسي في المحادثات، وتحاول فتح معابر غزة للسماح بدخول المساعدات، بينما تراقب بحذر شديد تطورات الوضع لضمان استقرار حدودها وتأمين مصالحها الاستراتيجية.