تدخل «مفاوضات غزة» بين إسرائيل وحماس مرحلة حاسمة، مع اقتراب موعد انتهاء المُهلة المُحددة التي تم الاتفاق عليها، حيث تتركز الأنظار الآن على الـ(24) ساعة الفاصلة التي من المتوقع أن تُحدد مسار التسوية بشكل نهائي. في ظل ضغوط دولية مُتزايدة ورغبة مشتركة في تجنب التصعيد، تشهد المباحثات توترًا مُتزايدًا يتطلب قرارات حاسمة من الطرفين، ما يجعل هذه الساعات القادمة مفصلية في رسم ملامح مستقبل الأزمة وتحديد اتجاهها القادم.
وفي هذا الصدد، يُواجه «مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي»، مرحلة مفصلية تمتد (24) ساعة في إطار المفاوضات مع «حماس»، حسبما أفادت وسائل إعلام عبرية، اليوم الأحد.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين، أن طرفي التفاوض يتعرضان لضغوط دولية متُصاعدة للتوصل إلى اتفاق، مُؤكدين أن الحكومة الإسرائيلية تمنح المباحثات فرصة "جدية"، مع توقع صدور القرار النهائي مساء اليوم الأحد.
وصرّح المسؤولون الإسرائيليون للصحيفة العبرية، بأنهم منفتحون على إدخال تعديلات "طفيفة" على إطار المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف»، لكنهم يرفضون أي تغييرات جوهرية، مُشيرين إلى أن رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو»، يتمسك بالإفراج عن جميع المحتجزين في غزة دون وقف العمليات العسكرية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: إن المفاوضات الجارية لم تعد مجرّد عرض مسرحي، مُؤكدًا أن اللحظة الحالية تتطلب اتخاذ قرار حاسم: إما الاتفاق أو الحرب.
وفي وقت سابق، نشرت «هيئة البث الإسرائيلية»، تفاصيل الاتفاق الجاري التفاوض عليه حاليًا بين إسرائيل وحماس في العاصمة القطرية الدوحة.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، نقلًا عن مصادر، أن الخطوط العريضة الجديدة للصفقة تتضمن إطلاق سراح (10) محتجزين إسرائيليين ووقف إطلاق النار لمُدة شهرين.
ويقضي المقترح الجاري بحثه بأن تُفرج «حماس» عن (10) محتجزين فور انطلاق الاتفاق، على أن تُلزم في اليوم العاشر بالكشف عن قائمة بأسماء جميع من تحتجزهم، سواء كانوا أحياءً أو فارقوا الحياة.
في تحوّل لافت قد يُعيد رسم معادلات الصراع في المنطقة، أبدت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، استعدادًا للتفاهم مع الإدارة الأمريكية، وطرحت خيار تسليم «إدارة قطاع غزة» كجزء من تصور شامل للحل السياسي. ويأتي هذا التطور في وقت تتكثف فيه الجهود الدولية لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني الداخلي واحتواء التصعيد مع إسرائيل.
وفي هذا الصدد، أكد «باسم نعيم»، القيادي البارز في حركة حماس، أن الحركة تستعد لإجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، وهو ما يُنظر إليه كمؤشر على تحولات مُحتملة في خطاب الحركة وتعاطيها مع القوى الدولية.
وقال «نعيم»، خلال لقاء مع قناة «سكاي نيوز» البريطانية، يوم الخميس، إن حماس على اتصال "مباشر مع بعض الشخصيات في الإدارة الأمريكية بشأن شروط إنهاء قصف إسرائيل لقطاع غزة".
وكشف باسم نعيم أن الحركة تُريد "تبادلًا للأسرى وانسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية، والسماح بدخول كافة المساعدات إلى غزة، وإعادة إعمار قطاع غزة دون هجرة قسرية".
وأكد أيضًا أن "حماس مُستعدة للتخلي عن إدارة قطاع غزة التي تولتها منذ عام 2006، مقابل تلبية مطالبها".
وأضاف: "لقد أخبرنا الأمريكيين أيضًا أننا مُستعدون مُجددًا، لتسليم إدارة القطاع فورًا إذا تم التوصل إلى نهاية لهذه الحرب".
وبحسب مصادر إسرائيلية، لا يزال هناك (20) رهينة أحياء على الأقل محتجزين في قطاع غزة، كما لا يزال وضع ثلاثة آخرين غير واضح، ويُعتقد أيضًا وجود رفات (35) رهينة آخرين هناك.
وفي الأيام الأخيرة، بذلت الولايات المتحدة جهودًا مُكثفة لضمان إطلاق سراح المواطن الأمريكي – الإسرائيلي «عيدان ألكسندر».
ويُنظر إلى إطلاق سراحه باعتباره إشارة حسن نية من جانب حركة حماس تجاه الولايات المتحدة، حيث تأمل الحركة أن يُمارس الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، ضغوطًا على الحكومة الإسرائيلية للموافقة على صفقة تتضمن نهاية دائمة لحرب غزة.
ورسمًيا، لا تجري الإدارة الأمريكية أي اتصال مباشر مع «حماس» التي تُصنفها كجماعة إرهابية.
ومع ذلك، ظهرت تقارير عن محادثات مباشرة بين حماس والإدارة الأمريكية في مارس 2025.
وبدت المتحدثة باسم البيت الأبيض «كارولين ليفيت»، وكأنها تُؤكد تلك التقارير عندما قالت إن المبعوث الخاص للرئيس «دونالد ترامب» لشؤون الرهائن «آدم بويلر»، مُخول للتحدث مع أي شخص.
من ناحية أخرى، صرّح المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، «ستيف ويتكوف»، لمجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، اليوم الخميس، بأن حلًا دائمًا في غزة يتطلب نزع سلاح حركة «حماس» بشكل كامل.
ورأى «ويتكوف» أن استمرار وجود «حماس» المسلحة في غزة "غير مقبول"، مُشددًا على ضرورة نزع سلاحها كجزء أساسي من أي اتفاق سلام مُستدام.
في المقابل، ترفض حركة «حماس» بشكل قاطع أي مقترح يتضمن نزع سلاحها، مُعتبرة أن ذلك لا يُسهم في إنهاء الحرب ولا يُمثّل حلًا وطنيًا مقبولًا.
كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، يُطالب بنزع سلاح «حماس» كشرط أساسي للتهدئة، وهو مطلب ترفضه الحركة طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي.
تأتي هذه التصريحات في ظل مفاوضات جارية لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، حيث قدم «ويتكوف» مُقترحًا يتضمن إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين مقابل هدنة في غزة، لكن الخلافات حول نزع السلاح تبقى عائقًا رئيسيًا أمام التوصل لاتفاق شامل.
وفي هذا الصدد، أشار «ويتكوف»، في تصريحاته لمجلة "ذي أتلانتيك"، إلى أن الرأي العام في إسرائيل مُنقسم بشأن ضرورة إطلاق سراح الرهائن، وهناك انقسام حاد بشأن التوصل إلى تسوية تفاوضية لهذه المسألة.
بين التصعيد الميداني المتواصل في «قطاع غزة»، والتحركات الدبلوماسية المتسارعة خلف الكواليس، تقف المنطقة عند مُفترق حساس قد يُحدد ملامح المرحلة المُقبلة. فبينما تتواصل الهجمات والغارات، تُكثّف الأطراف الدولية والإقليمية جهودها لإحياء مسار تفاوضي يشمل وقفًا لإطلاق النار، واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية، إلى جانب طرح صفقة تبادل أسرى قد تُشكل مدخلًا لتسوية أوسع.