تشهد المناطق الغربية من ليبيا، وعلى رأسها العاصمة طرابلس، تصاعدًا غير مسبوق في الغضب الشعبي ضد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وسط اتساع رقعة الاشتباكات المسلحة بين الفصائل الموالية لها، واحتقان شعبي متنامٍ يطالب بخروج الميليشيات المسلحة وإنهاء الفوضى المستمرة منذ سنوات.
وقد عاد صوت الشارع عاليًا بعد صمت طويل. في قلب العاصمة طرابلس، وبالأخص ميدان الشهداء – أشهر ميادين المدينة – فقد شهد انطلاق شرارة الاحتجاجات، التي امتدت بسرعة إلى مناطق سوق الجمعة، الهضبة، عين زارة، القرة بوللي، وغيرها، وسط هتافات غاضبة تطالب برحيل الحكومة، وخروج المسلحين من الأحياء السكنية.
المحتجون عبروا عن سخطهم من تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، وغياب أي أفق لحل سياسي أو اقتصادي، متهمين حكومة الدبيبة بـ”الارتهان لسلطة السلاح”، ومطالبين بعودة مؤسسات الدولة المدنية.
وفي مدينة مصراتة – المعقل السياسي والعسكري لرئيس الحكومة – لم تكن بمنأى عن الحراك. إذ خرج المئات إلى الساحات، لاسيما أمام “قاعة الشعب”، تنديدًا بإرسال أبناء المدينة للقتال في طرابلس، ورفضًا لـ”توريط مصراتة في معارك لا تمثلها”.
الاحتجاجات وصفتها بعض وسائل الإعلام المحلية بـ”تحول نوعي”، إذ بدا أن الدبيبة بدأ يفقد الحاضنة الشعبية حتى في معقله الرئيسي، في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بإنهاء المراحل الانتقالية والذهاب إلى انتخابات نزيهة.
كما حاول محتجون الوصول إلى مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة بالعاصمة، حيث رددوا شعارات مناهضة للحكومة، إلا أن مجموعات مسلحة واجهتهم بإطلاق الرصاص الحي لتفريقهم، بحسب شهود عيان.
الهلال الأحمر الليبي دعا المواطنين إلى التزام منازلهم، مشيرًا إلى صعوبة فتح ممرات إنسانية في بعض مناطق الاشتباك، مع استمرار حالة الاستنفار الأمني وانتشار فرق الطوارئ لتقديم المساعدة للعائلات العالقة.
منطقة عين زارة سجلت حضورًا قويًا في الاحتجاجات، حيث أظهرت مقاطع مصورة متظاهرين يشعلون الإطارات، ويغلقون الشوارع الرئيسية، خاصة عند “جزيرة الكيزة” ومنطقة “الهضبة الخضراء”، في مشاهد تعكس تصعيدًا ميدانيًا غير مسبوق.
رغم تصاعد العنف، لا تزال حكومة الدبيبة ترفض إعلان حصيلة الضحايا. مصدر طبي كشف أن وزارة الصحة تتكتم على الأعداد الحقيقية، بينما نفت الوزارة عبر بيان رسمي على “فيسبوك” إصدار أي بيانات حول أعداد القتلى أو الجرحى، في سياق يصفه المراقبون بـ”التعتيم المتعمد”.