دراسات وأبحاث

القمة العربية في بغداد.. فلسطين تتصدر و7 ملفات تنتظر قرارات حاسمة

الأربعاء 14 مايو 2025 - 12:16 ص
مصطفى سيد
الأمصار

تستعد العاصمة العراقية بغداد لاستضافة الدورة الرابعة والثلاثين للقمة العربية، في ظل حالة من الترقب العربي والدولي، لما ستخرج به القمة من قرارات بشأن الملفات الساخنة التي تمس مستقبل المنطقة. 

القمة تأتي في وقت حساس يشهد فيه العالم العربي تحديات غير مسبوقة، تتنوع ما بين صراعات داخلية، ضغوط اقتصادية، وأزمات إنسانية، إلى جانب التحولات في خارطة التحالفات الإقليمية.

وتمثل عودة العراق لاستضافة القمة العربية للمرة الأولى منذ أكثر من عقد رسالة سياسية قوية، تعكس رغبة بغداد في لعب دور أكثر فاعلية في محيطها العربي بعد سنوات من الانشغال بالتحديات الأمنية والداخلية.

فلسطين في الصدارة: دعم سياسي وإنساني

لا تزال القضية الفلسطينية تتربع على رأس الأولويات، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد قطاع غزة والضفة الغربية، وتدهور الأوضاع الإنسانية في الأراضي المحتلة.

وتُعد هذه القمة بمثابة اختبار حقيقي للموقف العربي الموحد تجاه فلسطين، لا سيما بعد فشل الجهود السابقة في وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية أو التقدم في ملف حل الدولتين.
ومن المتوقع أن تدفع دول مثل الجزائر ومصر وقطر باتجاه مواقف أكثر صرامة لدعم الفلسطينيين سياسيًا وإنسانيًا، مع المطالبة بإعادة تفعيل مبادرة السلام العربية التي أُطلقت عام 2002.

السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، أوضح أن خطة إعادة إعمار غزة التي أقرتها القمة الاستثنائية في القاهرة في مارس الماضي لم تُلغَ، لكنها لا تزال مُعلّقة بسبب "عدم توافر البيئة المناسبة لتنفيذها". 

ويأمل كثيرون أن تعيد قمة بغداد إحياء هذا الملف ووضع جدول زمني عملي لتنفيذه.

الأزمة السودانية: سباق بين التدهور والمصالحة

يُعد الملف السوداني من أكثر القضايا إلحاحًا، خاصة في ظل تواصل القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وما خلفه من كارثة إنسانية وأمنية.

 وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.

الجامعة العربية كانت قد أطلقت عدة مبادرات للوساطة، إلا أنها لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن.

ومن المنتظر أن يتم في القمة مناقشة مقترحات لإطلاق مؤتمر عربي - إفريقي للسلام في السودان، بدعم من دول الجوار.

الملف الليبي: الجمود السياسي يفرض نفسه

رغم الهدوء النسبي في ليبيا، لا تزال الانقسامات السياسية بين الشرق والغرب تعرقل التقدم نحو انتخابات شاملة. 

ويُرجَّح أن تدعو القمة إلى توحيد المؤسسات الليبية ودعم جهود المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، وسط مقترحات عربية لتشكيل لجنة ثلاثية (مصرية – مغربية – جزائرية) لمتابعة الملف.

سوريا: عودة غير مكتملة إلى الحاضنة العربية

بعد عودة سوريا رسميًا إلى الجامعة العربية العام الماضي، تبدو خطوات إعادة دمجها في العمل العربي المشترك بطيئة. 

مصادر دبلوماسية أكدت أن القمة ستناقش آليات دعم جهود التسوية في سوريا، بما يشمل ملف عودة اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية.

ورغم اختلاف المواقف بين الدول العربية حيال نظام دمشق، إلا أن هناك توافقًا على ضرورة إنهاء عزلة سوريا تدريجيًا، شريطة أن تتخذ خطوات ملموسة على صعيد الحل السياسي.

اليمن: المسار الهش للسلام

رغم تراجع حدة المعارك خلال العامين الأخيرين، فإن اليمن لا يزال يعيش في ظل أوضاع إنسانية متدهورة.

 التفاهمات بين السعودية والحوثيين برعاية عمانية فتحت الباب أمام مبادرات سلام، لكن لا تزال هناك شكوك حول جدية الأطراف في التوصل لاتفاق شامل.

ومن المتوقع أن تدعو القمة إلى توحيد الجهود لدعم مسار السلام اليمني، وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للمتضررين، خاصة في مناطق المواجهات.

لبنان: بين الجمود السياسي والانهيار الاقتصادي

الملف اللبناني سيكون حاضرًا كذلك، وسط أزمة سياسية مستمرة في ظل الفراغ الرئاسي منذ أكثر من عام، والانهيار المالي الذي تعيشه البلاد.

 الجامعة العربية تعمل على دعم مبادرة فرنسية – قطرية – مصرية، تهدف إلى التوافق على رئيس جديد للجمهورية اللبنانية وإطلاق خطة إنقاذ اقتصادي.

التكامل الاقتصادي العربي: من الشعارات إلى التنفيذ؟

وعلى هامش الأزمات السياسية، تسعى القمة لفتح آفاق جديدة أمام التكامل الاقتصادي العربي، الذي طالما ظل حبيسًا للشعارات. من أبرز الملفات المطروحة:

مقترح مصري – سعودي لإنشاء مركز عربي للذكاء الاصطناعي.

مشروع مشترك لتعزيز الربط الكهربائي بين الدول العربية.

إنشاء مجلس وزاري عربي للتجارة لبحث إزالة الحواجز الجمركية.

وتُعد هذه المشاريع محاولة حقيقية لتحويل التعاون العربي من مجرد تصريحات إلى خطوات عملية، خاصة في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة العالمية.

العراق: عودة إلى عمق العمل العربي

نجاح العراق في تنظيم هذه القمة يُعد دلالة على تعافيه السياسي والأمني، ورغبته في استعادة مكانته العربية.

 السلطات العراقية اتخذت إجراءات أمنية مشددة لتأمين الوفود المشاركة، مع تجهيز قاعات المؤتمر وفقًا لأحدث المواصفات الدولية.

وأكد السفير حسام زكي أن “التنظيم العراقي محترف، والتنسيق يتم بسلاسة”، معتبرًا أن عقد القمة في بغداد “دليل على الثقة المتزايدة في العراق من جانب الدول العربية”.

قمة بغداد تحمل طموحات كبيرة لكنها تصطدم بواقع عربي مشتت. وبينما تتصدر فلسطين جدول الأعمال، فإن الملفات الأخرى لا تقل أهمية. فهل تنجح القمة في رسم ملامح جديدة للتضامن العربي؟ أم تظل مجرد محطة بروتوكولية تكرر ما سبقها؟
الإجابة تتوقف على مدى جدية القادة في ترجمة البيانات الختامية إلى قرارات تُنفّذ على الأرض.