تصاعد دخان أسود من مدخنة كنيسة سيستين حوالي الساعة 19,00 مساء أمس الأربعاء بتوقيت غرينتش، في إشارة إلى أن أول تصويت للكرادلة الـ133 في المجمع الانتخابي لم يُفض لانتخاب بابا الفاتيكان الجديد.
وشاهد آلاف المؤمنين والزوار في ساحة القديس بطرس الدخان المتصاعد بعدما انتظروا أكثر من ثلاث ساعات لمعرفة نتيجة اليوم الأول من اجتماعات الكرادلة التي تقام بسرية خلف أبواب مغلقة.
عندما تنتخب الكنيسة الكاثوليكية بابا جديدا، لا يشاهد العالم مؤتمرا صحفيا أو منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي، بل يشاهد الدخان المتصاعد من مدخنة صغيرة في أعلى كنيسة سيستين.
إذا كان الدخان أسودًا، فلم يتم انتخاب بابا جديد ، ى إذا كان أبيضًا، فقد تم اتخاذ قرار: Habemus Papam - لدينا بابا. إنه حدث ضخم، يتم بثه مباشرة إلى ملايين الأشخاص.
وكان الاجتماع المغلق لانتخاب بابا جديد، بدأ رسمياً مع إعلان مسؤول في الفاتيكان عبارة "ليخرج الجميع"، باللغة اللاتينية، وإغلاق باب كنيسة سيستين.
وتعني عبارة "ليخرج الجميع" باللاتينية، إشارةً إلى جميع الأشخاص غير المخولين بالتصويت لانتخاب البابا الجديد بمغادرة كنيسة سيستين.
ويسمح هذا الأمر، الذي أعلنه قبل وقت سابق رئيس الأساقفة دييغو رافيلي، ببدء عملية التصويت لانتخاب البابا الـ267 خلفاً للبابا فرنسيس، أول بابا من أميركا اللاتينية في التاريخ.
وقد اختفى الكرادلة الكاثوليك الذين سيختارون البابا القادم خلف الأبواب الخشبية الثقيلة لكنيسة سيستين اليوم معزولين عن العالم لانتخاب البابا القادم.
ولكن ما لا يراه المشاهدون هو التعقيد الخفي لهذه الطقوس التي يعود تاريخها إلى قرون مضت: المدفأة المصممة بعناية، والموقد المصمم هندسيًا، والوصفات الكيميائية الدقيقة - كل جزء مصمم بعناية شديدة لضمان أن تنقل خصلة من الدخان رسالة واضحة.
وأوضح الخبراء أن العملية تتطلب "اثنين من الألعاب النارية المصنوعة حسب الطلب"، واختبارات الدخان، ورجال الإطفاء على أهبة الاستعداد.
ويتم تنظيم كل هذا بدقة متناهية من قبل فريق من المهندسين ومسؤولي الكنيسة.
وبمرور الوقت، بدأ الفاتيكان في استخدام الدخان كوسيلة للتواصل مع العالم الخارجي، مع الحفاظ على السرية التامة للتصويت.
وفي طقوس يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، دخل 133 كاردينالاً بخطوات بطيئة داخل الكنيسة قبل أن يؤدوا القسم.
يعود تقليد حرق بطاقات اقتراع الكرادلة إلى القرن الخامس عشر وأصبح جزءا من طقوس المجمع المغلق الذي كان يهدف إلى ضمان الشفافية ومنع التلاعب، خاصة بعد أن تسبب التأخير في الانتخابات البابوية في الإحباط والاضطرابات العامة.
وأعلن رئيس الأساقفة دييغو رافائيلي، رئيس المراسم في الفاتيكان، الأمر الذي يعني باللغة اللاتينية "اخرجوا جميعاً!"، طالباً من كل من لن يشارك في الاجتماع السري أن يغادر.
وأُغلقت أبواب الكنيسة، ما سمح للكرادلة بإجراء أول اقتراع للبحث عن خليفة للبابا فرنسيس، الذي توفي الشهر الماضي.
ولم ينتخب المجمع المقدس بابا في اليوم الأول منذ قرون، وقد يستمر التصويت بضعة أيام قبل أن يحصل رجل واحد على أغلبية الثلثين اللازمة ليصبح البابا رقم 267.
ويشير الدخان الأسود إلى تصويت غير حاسم، أما الدخان الأبيض وقرع الأجراس فسيشير إلى أن الكنيسة الكاثوليكية، التي يبلغ عدد أتباعها 1.4 مليار نسمة، أصبح لديها قائد جديد.
وتقل أعمار جميع الكرادلة الذين من حقهم التصويت عن 80 عاماً.
مجمع الكرادلة، هو الهيئة الجامعة لكافة الكرادلة الناخبين - أي أقل من ثمانين عام - في الكنيسة الكاثوليكية،ويشكل أعلى هيئة استشارية في الكرسي الرسولي.
ويشغل أعضاؤه أي الكرادلة، مناصب إدارة مجامع الكوريا الرومانية، أو رئاسة الأسقفيات الكبرى أو بطاركة. حسب القواعد الحديثة التي أقرها البابا بولس السادس والبابا يوحنا بولس الثاني، فيجب على أعضاء المجمع ألا يتجاوزوا عدد 120 كاردينالاً ناخبًا.
الوظيفة الأهم لمجمع الكرادلة، هي انتخاب البابا بواسطة المجمع المغلق، في كل مرة يشغل بها الكرسي الرسولي، وهو تقليد متوارث منذ 1179. ويعود للكرادلة الناخبون بواسطة المجمع إدارة الكنيسة بصفة جماعية خلال المرحلة الانتقالية. يعقد الكرادلة اجتماعًا سنويًا في عيد الميلاد مع البابا، يلقي خلاله عليهم خطابًا عن حال الكنيسة في العالم كما يقضتي العرف والتقليد. يلتئم الكرادلة حكمًا برئاسة البابا، إلا في حال كان المنصب شاغرًا فيتم الالتئام برئاسة عميد المجمع، وهو الأقدم في الكاردينالية بين الأعضاء.
إلى جانب الاجتماع السنوري الدوري، فمن حق البابا دعوة مجمع الكرادلة لعقد جلسات استثنائية «فوق العادة» خلال العام، كما يعتبر المجمع بحكم المنعقد فور شغور منصب البابا. لمجمع الكرادلة، بضع صلاحيات أخرى كالموافقة على تسمية قديسين أو إعلان أسماء الأساقفة والكرادلة الجدد. قلة من الأعضاء فقط تعيش في روما، وغالبهم يكون من كرادلة الكوريا الرومانية. أغلب الكرادلة يقيمون في أبرشياتهم بوصفهم رؤساء أساقفة، وقد درج العرف على تسمية رؤساء أساقفة كبرى المدن مثل نيويورك أو لندن أو بعض البطاركة مثل بطريرك أنطاكية للكنيسة المارونية - منذ 1965 - بمنصب كاردينال. كان الكرادلة.
يقسمون حسب التقاليد القديمة، إلى ثلاث مراتب أساقفة، وقساوسة، وشمامسة، لكن البابا يوحنا الثالث والعشرون أصدر عام 1963 مرسومًا يقضي بأن كل من يسمى كاردينالاً، ولم يكن حائزًا على مرتبة الأسقفية، يستوجب تسمية أسقف بمرسوم.