توجت أشغال المؤتمر الـ38 للاتحاد البرلمان العربي التي اختتمت بإصدار "إعلان الجزائر"، الذي جاء ليؤكد على ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية.
وأكد المشاركون في المؤتمر أهمية توحيد المواقف البرلمانية العربية، ودعم الحقوق المشروعة للشعوب العربية، مع التركيز على ضرورة اتخاذ خطوات فعلية لإيجاد حلول مستدامة للأزمات السياسية والأمنية التي تؤثر على الدول العربية. كما جدد المشاركون التنويه إلى مركزية القضية الفلسطينية.
وشدد المشاركون في هذا المؤتمر على "ضرورة تفعيل أدوات الردع والمساءلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وعدم الاكتفاء بالبيانات التي تدين جرائمه"، كما ثمن المجتمعون الدور البارز لجمهورية الجزائر بتوجيه ومتابعة رئيسها عبدالمجيد تبون، في إطار عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الدولي.
إن جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية، وهى تستضيف أعمال المؤتمر 38 للاتحاد البرلماني العربي، تثمن روح الأخوة والمحبة التي سادت خلال الاجتماعات التحضيرية والتشاورية، وكذلك جلسات الرؤساء واللجان الفرعية، التي عقدت في ظل ظروف إقليمية ودولية دقيقة، وسط تطلعات عربية لتعزيز وحدة الموقف وتفعيل آليات العمل المشترك، والتوصل إلى مخرجات تعكس تطلعات الشعوب العربية في الأمن والاستقرار.
ورغم ما تشهده المنطقة العربية من تعدد التحديات وتزايد الأزمات، تظل القضية الفلسطينية جوهر الصراع الذي تتغذى عليه كل الأزمات، وغياب الحل العادل والشامل يعد نافذة لكل من أراد إشعال المنطقة وإشغال دولها وشعوبها بنزاعات لا تنتهي. الحل الوحيد للتخلص من هذه الأزمات يكمن في حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يعيد الحقوق المشروعة لأصحابها وفقًا للقرارات الدولية.
ومن هذا المنطلق، كان اجتماعنا اليوم في الجزائر بدعوة كريمة من إبراهيم بوغالي، رئيس الاتحاد البرلماني العربي، ورئيس المجلس الشعبي الوطني في جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية، تحت عنوان "دور الاتحاد البرلماني العربي في دعم الشعوب العربية وتطلعاتها وآمالها، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية".
نحن مدركون لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، كممثلين وفاعلين في الدبلوماسية الرسمية لبلداننا، بهدف ترجمة تطلعات شعوبنا إيجابيًا، وعازمون على تفعيل الدبلوماسية البرلمانية لتكون مؤشرًا إلى واقع ملموس يسهم في الحفاظ على مصالحنا المشتركة، ويعمل على مواجهة كافة التحديات والتهديدات التي تستهدف دولنا العربية، وفي مقدمتها دولة فلسطين وشعبها الصامد.
من الأهمية بمكان التعاضد والتكاتف من أجل العمل على إرساء الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا العربية، كمطلب وإيمان جوهري عاجل. لذلك:
نجدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمتها حقه الشرعي والقانوني في الحرية وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، على أرضها وعاصمتها القدس الشريف.
نثمّن مواقف الدول والمنظمات العربية الرافضة لمخططات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ونؤكد أن “الهجرة الطوعية” ليست خيارًا، بل هي محاولة لتزييف الواقع وفرضه قسرًا، وهو ما يتعارض مع المبادئ القانونية والإنسانية.
نرحب بمخرجات القمة العربية الطارئة التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة بتاريخ 4 مارس 2025، ونؤكد عزمنا العمل من خلال الدبلوماسية البرلمانية لدعم الخطة التي اعتمدتها القمة، التي ترسم مسارًا جادًا لمعالجة القضية الفلسطينية وإعادة إعمار قطاع غزة.
نُعرب عن قلقنا من الاستفزازات الصهيونية التي تستهدف الوضع القانوني والتاريخي للقدس والمقدسات، وندعو إلى تحرك دولي عاجل للتصدي لهذه الانتهاكات والعمل على حماية المقدسات في الأراضي الفلسطينية بما يتماشى مع قرارات الشرعية الدولية.
نستنكر حظر الكيان الصهيوني لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في الأراضي الفلسطينية، وتعمده وقف المساعدات الإنسانية والإغاثية. نؤكد على الدور الحيوي الذي تقوم به الوكالة، وضرورة تكاتف المجتمع الدولي لضمان استمرارها في أداء مهامها.
نؤكد على ضرورة تفعيل أدوات الردع والمساءلة ضد الكيان الصهيوني، وعدم الاكتفاء بالبيانات التي تدين جرائمه، بل العمل على اتخاذ خطوات فعلية لوقف مشروع التهجير الجماعي في قطاع غزة ومنع ترسيخه كأمر واقع.
نثمن الدور البارز الذي تقوم به الجزائر، بتوجيه ومتابعة رئيسها السيد عبد المجيد تبون، في إطار عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الدولي، ونؤكد على ضرورة بذل الجهود لتمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
كما نؤكد تضامننا الكامل مع الجمهورية اللبنانية في تمسكها بحقوقها الوطنية كاملة وسيادتها على كامل أراضيها، والتزامنا بحقها في استخدام كافة الوسائل لاستعادة الأراضي المحتلة من الكيان الصهيوني، وفقًا للقرارات الدولية.
نشدّد على التزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الصهيوني لكافة الأراضي العربية، في فلسطين وسوريا ولبنان، وحل الصراع العربي-الصهيوني على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
نبارك الخطوات الإيجابية التي قامت بها الدولة السورية في سبيل إعادة هيكلة الدولة، وندين استمرار الغارات الجوية الصهيونية والاعتداءات على الجمهورية العربية السورية، ونؤكد رفضنا القاطع لها.
نجدد تأكيدنا على ضرورة بذل الجهود والمساعي لإنشاء دبلوماسية برلمانية فعّالة للوصول إلى تمثيل أكثر عدلاً في الأمم المتحدة، وتعزيز قيمها ومبادئها.
نؤكد أهمية تنسيق المواقف وتعزيز الجهود من أجل تعزيز دور الاتحاد البرلماني العربي في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، ليظل صوتًا للأمة ومدافعًا عن الحقوق العربية، وحاميًا للسيادة الوطنية.
نرفض رفضًا قاطعًا كافة أشكال التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية تحت أي ذريعة كانت، خاصة ما يتعلق بتسييس ملف حقوق الإنسان الذي يستغله الغرب لتبرير تدخلاته في الدول العربية.
نجدد تضامننا الكامل مع الدول العربية الشقيقة التي تعاني من أزمات داخلية أو ظروف سياسية وأمنية استثنائية بسبب الكوارث الطبيعية أو الظروف الاقتصادية الصعبة، ونسعى جميعًا من خلال التنسيق العربي للوصول إلى تسويات سلمية تعزز مصلحة الأمة العربية المشتركة.
وفي الختام، نتوجه بالشكر والعرفان والتقدير إلى السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ونعبّر عن خالص امتناننا على رعايته واهتمامه بقضايا الأمة العربية، وسعيه لتقدم وازدهار شعوبها. كما نتوجه بالشكر للبرلمان الجزائري على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وللشعب الجزائري الأبي. الشكر موصول لجميع الأشقاء في الاتحاد البرلماني العربي على حضورهم الكريم إلى الجزائر، بلد المليون ونصف المليون شهيد.