آراء وأقلام

وليد خدوري يكتب: «العراق.. زيادة الإنتاج مع هيمنة للشركات الصينية»

الأربعاء 30 أبريل 2025 - 04:45 ص
وليد خدوري
وليد خدوري

تدل المعلومات عن تطور صناعة النفط العراقية عن العمل لزيادة الطاقة الإنتاجية للبلاد الى نحو 7 ملايين برميل يومياً مقابل حوالي 5 ملايين برميل يومياً في الوقت الحاضر، بحسب مقال للباحث سيمون واتكنز في الدورية «أويل برايس» التي تضيف أن الشركات الصينية تعمل حالياً في تطوير أكثر من ثلث الاحتياطي المؤكد، كما تعمل على إنتاج نحو ثلثي النفط العراقي، وأن شركة «الصين هوانكيو للانشاءات والهندسة» (المتفرعة عن «شركة النفط الوطنية الصينية») حصلت على أحدث عقد لانتاج النفط العراقي. وقد استلمت «هوانكيو» حقل «غرب القرنة-1» العملاق الذي كانت تقود عملياته «إكسون موبيل» والذي تتباين أرقام احتياطاته، حسب الدراسات للحقل التي تشير إلى نحو 9 إلى 20 مليار برميل. وتعمل «هوانكيو» على زيادة معدل انتاجه السابق من 500 ألف برميل يومياً إلى نحو 800 ألف برميل يومياً.

بناء على المشاركة الصينية الواسعة، فإن لدى الشركات الصينية حصة مشتركة بنحو 24 مليار برميل من الاحتياطي النفطي العراقي، وتنتج نحو 3 ملايين برميل يومياً.

وقد أعلنت وزارة النفط مؤخراً عن هدفها زيادة الطاقة الإنتاجية للبلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، الأمر الذي يشجع الشركات النفطية الصينية على استمرار تكثيف أعمالها في القطاع النفطي العراقي.

وتهدف الشركات الصينية من استثماراتها النفطية الواسعة في العراق إلى حق الحصول على نسبة من النفوط المنتجة من الحقول التي تعمل بها. ومن الجدير بالذكر أن العراق ودول الخليج وإيران تصدّر منذ بداية الألفية ما نسبته تقريباً 60 - 75 في المائة من صادراتها النفطية إلى الصين وأقطار جنوب وشرق آسيا. لكن بالإضافة إلى إمكانية شراء الصين ملايين من براميل نفط المنطقة، فإن العقود مع العراق تمنح شركاتها الحق لتطوير الطرق ووسائل المواصلات القريبة من حقولها، ويمنح هذا الحق الشركات الصينية الاعتماد على أفراد الجيش الأحمر في حراسة ممتلكاتها.

هذا، وتتصل هذه الطرق عادة بمواني ومطارات العراق، وكذلك الأمر نفسه في إيران، حيث تعمل الشركات الصينية أيضاً. وتستطيع الصين، من خلال سلسلة المواصلات واسعة النطاق المهيمنة عليها جراء ذلك، أن تدعم وتوسع مجالات عمل مرافق المواصلات الرئيسة، بالاتفاق بين الأطراف المعنية، وذلك بهدف توسيع المرافق الرئيسة من مرافئ ومطارات، ولكي يستطيع الجيش الصيني الموجود محلياً استعمال المطارات والمواني العراقية المدنية والعسكرية، بحسب ما ذكره سيمون واتكنز.وكان قد تم توقيع الاتفاق على مجالات التعاون المستقبلية بين العراق والصين في فبراير (شباط) 2019 تحت عنوان «اتفاق النفط لإعادة التعمير والاستثمار». ونصت مقدمة الاتفاق، بحسب واتكنز، على إعطاء الأولوية لتطوير الحقول النفطية الحديثة للشركات الصينية.

من نافل القول، إن الولايات المتحدة وحلفاءها غير مرتاحين لما تهدف إليه الصين من هذا الاتفاق وشبكات أعمالها في العراق. وهذا ما يفسر الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة في هذا المجال. فقد أشار الرئيس دونالد ترمب خلال إدارته الأولى في عام 2018 إلى جديته في شن الحرب التجارية على الصين. وبالفعل، وبعد الاتفاق النووي الأميركي - الإيراني، في حينه، غيّرت الصين سياستها حول حقول النفط والأملاك في العراق، وبدأت تستعمل بدلاً من شركاتها الكبرى عدداً من شركاتها صغيرة الحجم؛ لتخفيف الضغوط عليها، وتقليص انتباه وسائل الإعلام النفطية للاتفاقيات.

لكن فجأة، بدأت تظهر معلومات عن عقود ثانوية من قبل شركات صينية صغيرة في العراق وإيران. وكانت إحدى هذه الاتفاقيات الثانوية تحديث أجهزة وأدوات لاستخراج الغاز المصاحب من الإنتاج النفطي في حقل القرنة من قبل شركة صينية صغيرة الحجم نسبياً.

وفي الوقت نفسه تقريباً، حصلت شركات صينية صغيرة الحجم أيضاً على عقدين صغيرين للحفر في حقل مجنون العملاق. ومن الجدير بالذكر أن بعض كبرى الشركات الغربية كانت تعمل في هذين الحقلين في حينه.

ورغم التعاون النفطي الوثيق ما بين العراق والصين، فإن الغرب لم يخسر العراق كلياً، فقد حصلت الشركات الغربية على عقود متعددة مؤخراً. فهناك، على سبيل المثال، الاتفاق مع «توتال إنرجيز» الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار لمشاريع متعددة، ستشكل أسساً مهمة خلال السنوات القريبة المقبلة لزيادة الطاقة الإنتاجية العراقية. كما وقّعت «بريتش بتروليوم» عقداً مؤخراً بقيمة 25 مليار دولار لتطوير حقول كركوك. ولشركة «شل»، شريكة «شركة غاز البصرة» مشروع ضخم لالتقاط واستعمال الغاز المصاحب من حقول البصرة النفطية (الرميلة والزبير).

نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط.