مع اقتراب انتهاء صلاحية الاتفاق النووي الإيراني، يتزايد القلق الدولي بشأن مستقبل المنطقة، وسط مخاوف من تصعيد عسكري إذا قررت طهران تسريع برنامجها النووي.
وفي ظل انسداد الأفق الدبلوماسي بين إيران والولايات المتحدة، تبرز أوروبا كوسيط محتمل لمحاولة احتواء الأزمة، لكن نجاحها يظل موضع تساؤل.
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، تراجعت فرص إحيائه، وفشلت جميع المحاولات للتوصل إلى اتفاق أكثر صرامة وطويل الأمد.
وأدى ذلك إلى تزايد أنشطة إيران النووية، حيث وسّعت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مارس 2025، الذي أشار إلى أن طهران رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 50%، متجاوزة بكثير الحد المسموح به بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).
كما كشف التقرير أن إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بات يفوق الحد المسموح به بأكثر من 40 ضعفًا، وهو ما يعزز المخاوف الغربية من أن تكون طهران على وشك امتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي.
ترافق هذا التصعيد النووي مع تدهور قدرة إيران على الردع الإقليمي، حيث شهد العام الماضي ضعفًا متزايدًا لحلفائها في "محور المقاومة".
فقد تكبدت حماس خسائر فادحة في مواجهاتها مع إسرائيل، بينما تعرض حزب الله لضغوط عسكرية وسياسية متزايدة. كما يعاني النظام السوري – أحد أقرب حلفاء طهران – من أزمة اقتصادية وسياسية خانقة.
وفي المقابل، واصلت إسرائيل ضرباتها الجوية على أهداف إيرانية داخل سوريا والعراق، بما في ذلك استهداف الدفاعات الجوية الإيرانية في عمليات جرت في أبريل وأكتوبر 2024، وهو ما كشف عن الثغرات الدفاعية الإيرانية وأضعف موقفها الإقليمي.
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، سارعت واشنطن إلى إعادة فرض سياسة "الضغط الأقصى" على طهران، عبر تشديد العقوبات الاقتصادية وتعزيز الحصار السياسي على النظام الإيراني. في الوقت ذاته، تصاعدت الضغوط الإسرائيلية على الإدارة الأمريكية لدعم ضربات عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، في ظل تحذيرات من أن طهران قد تكون قريبة من "نقطة اللاعودة" في برنامجها النووي.
في ظل هذا التصعيد، تبدو أوروبا الجهة الوحيدة التي تسعى جديًا لإيجاد حل دبلوماسي يمنع انهيار الوضع الأمني في الشرق الأوسط.
فقد عقد ممثلو الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) عدة اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025، بهدف استكشاف سبل التفاوض.
لكن التحديات كبيرة، فإيران ترفض التفاوض المباشر مع واشنطن، خشية أن يُنظر إليها على أنها خضعت للضغوط الأمريكية. في الوقت نفسه، تدرك طهران أن التصعيد العسكري قد يزيد من معاناة اقتصادها الذي يواجه بالفعل أزمات خانقة بفعل العقوبات الغربية.
تدرك العواصم الأوروبية أن نجاح أي مبادرة دبلوماسية يعتمد على وضع جدول زمني واضح للمفاوضات، وإيجاد آلية تضمن التزام إيران بعدم التصعيد، مقابل حوافز اقتصادية ملموسة.
لكن الوقت يضيق، حيث أن آلية العقوبات السريعة (Snapback) التي تتيح إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران قد تنتهي قريبًا، ما يجعل من الضروري التحرك بسرعة لتجنب الانزلاق نحو سيناريو أكثر خطورة.
في حال فشل المسار الدبلوماسي، قد تتجه المنطقة إلى أحد السيناريوهات التالية:
عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا في مسار الملف النووي الإيراني، إذ ستحدد الأشهر المقبلة ما إذا كان التصعيد العسكري هو الخيار القادم، أم أن أوروبا ستنجح في كسر الجمود وفتح مسار دبلوماسي جديد.