يشهد المشهد السياسي والأمني في إسرائيل تصاعدًا غير مسبوق في التوتر بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقادة جهاز الأمن العام "الشاباك"، وسط اتهامات متبادلة وتحذيرات من تداعيات خطيرة على مستقبل الحكم في إسرائيل.
المواجهة بين الطرفين وصلت إلى ذروتها بعد تصريحات كل من رونين بار، رئيس الشاباك الحالي، وسلفه نداف أرغمان، حيث اتهم نتنياهو الجهاز بالفشل الأمني في هجوم السابع من أكتوبر، محذرًا من "تجاوز خطوط حمراء تمس الديمقراطية"، في حين رد أرغمان باتهام نتنياهو بتفجير الداخل الإسرائيلي للحفاظ على منصبه، بل ودعا إلى الإطاحة به فورًا، ملمحًا إلى امتلاكه أرشيف أسرار قادر على إسقاطه في حال تجاوز القانون.
وفي سياق متصل، نفى أرغمان وجود أي معلومات استخباراتية مسبقة حول خطة هجوم حماس في عملية "طوفان الأقصى"، مما يعمق أزمة الثقة داخل المؤسسة الأمنية. من جانبه، رفض رئيس الشاباك الحالي رونين بار الاستقالة رغم الضغوط التي يمارسها نتنياهو عليه، مشترطًا إجراء تحقيق حكومي شامل في الهجوم وعودة المحتجزين.
المعارضة الإسرائيلية دخلت على خط الأزمة، حيث وصف يائير لابيد، زعيم المعارضة، اتهامات نتنياهو بأنها انحراف خطير، بينما اتهم بيني غانتس، زعيم حزب "معسكر الدولة"، رئيس الوزراء بالتضحية بالمحتجزين الإسرائيليين من أجل الحفاظ على ائتلافه الحكومي.
هذا الصراع السياسي والأمني غير المسبوق يأتي في وقت تواجه فيه إسرائيل عزلة دولية متزايدة بسبب حربها في غزة، مما يعكس شرخًا عميقًا بين القيادة السياسية والأمنية، ويفاقم أزمة الثقة بين الإسرائيليين ومؤسساتهم الرسمية في ظل صراع بقاء سياسي محتدم منذ بداية الحرب.
شهدت العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجهاز الشاباك توترات متصاعدة، خصوصًا في الفترات التي تزامنت مع أزمات أمنية وسياسية كبرى. وعلى الرغم من أن الشاباك يُعدّ أحد أهم الأجهزة الأمنية التي يعتمد عليها رؤساء الحكومات الإسرائيلية، فإن علاقته بنتنياهو شابتها الخلافات والاتهامات المتبادلة، خاصة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته حماس.
بعد الهجوم المفاجئ الذي نفذته حماس، اتهم نتنياهو الشاباك بالتقصير الأمني، مشيرًا إلى أن الجهاز فشل في التنبؤ بالهجوم ومنع تسلل المقاتلين الفلسطينيين إلى المستوطنات. في المقابل، رد الشاباك بغضب، حيث نفى رئيسه الحالي رونين بار مسؤوليته الكاملة، مؤكدًا أنه كان قد قدم تحذيرات سابقة لكن الحكومة لم تتخذ خطوات كافية.
وزاد التوتر عندما خرج رئيس الشاباك الأسبق نداف أرغمان ليؤكد أنه لم يكن هناك أي معلومات استخباراتية عن الهجوم أثناء فترة عمله، مما أحرج الحكومة الإسرائيلية ودفع نتنياهو إلى محاولة تحميل الجهاز المسؤولية لتجنب اللوم السياسي.
جهاز الشاباك (بالعبرية: שב"כ) هو اختصار لـ**"جهاز الأمن العام"** في إسرائيل، ويُعرف أيضًا باسم "شين بيت" (Shin Bet). وهو جهاز استخباراتي إسرائيلي مسؤول عن الأمن الداخلي ومكافحة التجسس ومواجهة العمليات التي تُصنّف على أنها إرهابية داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
يعمل الشاباك بالتنسيق مع الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية) وأمان (الاستخبارات العسكرية)، لكن تركيزه الأساسي يكون على التهديدات داخل إسرائيل والمناطق الفلسطينية، بينما يهتم الموساد بالعمليات الخارجية وأمان بالمسائل العسكرية.
يعتبر الشاباك من أقوى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لكنه يواجه انتقادات حادة بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان، خاصة في تعامله مع الفلسطينيين، حيث يُتهم باستخدام الاعتقال الإداري، التعذيب، والاغتيالات المستهدفة ضد المقاومين والنشطاء السياسيين.