رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

علي الزبيدي يكتب: في الصميم.. ٢٧ ألف شهادة جامعية عليا!!

نشر
الأمصار

في الصميم..

صحيح ان الله سبحانه وتعالى قد أمرنا ان نقرأ بقوله في محكم كتابه العزيز (أقرأ باسم ربك الذي خلق) إلى آخر سورة العلق وصحيح أيضا ان نبينا الكريم قد أمرنا أن نطلب العلم ولو كان في الصين وكذلك قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم(طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) إلى بقية الآيات والأحاديث الكريمة التي تحث على طلب العلم والتعلم ولقد جاء في ماوصلنا من موروث الشعر ما يؤكد على السعي للتعلم والإشارة إلى مكانة أهل العلم والمعرفة في حياة الناس وفي مجتمعهم بشكل خاص ولذلك نرى المسلمين في كل العصور التي اعقبت الدعوة المحمدية الشريفة قد جدوا واجتهدوا في طلب العلم فكان لهذه الامة علماء في علوم ذلك الزمان لازال يشار اليهم بالبنان وفي عراقنا نحن الذين كنا نقرأ ما تكتبه القاهرة وتطبعه بيروت كنا نفتخر بقامات علمية جدت في سعيها بطلب العلم حتى كانت مثلا يحتذى به فقد شهد النصف الأول من القرن العشرين بروز الكثير من حملة الشهادات العليا الذين تحملوا عناء الاسفار والغربة والبعد عن الاهل والاصحاب فكان الدكتور عبد الجبار عبد الله أحد تلامذة انشتاين والدكتور محمد فاضل الجمالي أبرز اختصاصي التربية والدكتور علي الوردي عالم الاجتماع الكبير والدكتور احمد صلح العلي والدكتور مسارع الراوي وغيرهم المئات ممن اسهموا في بناء نهضة الوطن في جميع مناحي الحياة ووضعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأسس الرصينة والضوابط العالمية لنيل الشهادات العليا وحتى التدرج في العناوين العلمية إلى أن حلت كارثة احتلال العراق في التاسع من نيسان ٢٠٠٣ حيث استشرى الفساد في كل شيء وضرب اهم ركائز النهضة العلمية في العراق من خلال التفنن في تزوير الشهادات الجامعية والتهاون في تطبيق شروط نيلها ومستلزمات الدراسة والتحضير فأصبحنا نسمع عن عناوين شهادات عليا في اتفه الموضوعات والتي لا ترتبط بتطوير العلم والأرتقاء بالمستوى الأكاديمي بل أنها عناوين للواجهة الاجتماعية والحصول على مكاسب وامتيازات على حساب سمعة العراق الأكاديمية لذلك أصبحنا نسمع عن عشرات الالاف من شهادات عليا منحت من جامعات غير معترف بها اوغير رصينة عبر الإنترنت آخرها فضيحة ال ٢٧ الف شهادة عليا منحت في عام دراسي واحد من احدى الجامعات في لبنان !

نعم ٢٧ الف وليس ٢٧ او ٢٧٠ شهادة عليا فلو افترضنا ان العام الدراسي ٨ أشهر فإن هذه الجامعة تكون قد منحت في كل شهر ٣٣٧٥ شهادة ولو افترضنا ان ايام الدوام الرسمي في الشهر الواحد ٢٤ يوم دوام بعد طرح العطل الاسبوعية فقط فتكون هذه الجامعة العتيدة قد منحت ما معدله ١٤٠.٥ شهادة يوميا ولو قسمنا هذا العدد من الشهادات على ساعات الدوام اليومي والتي هي في أحسن الحالات ٦ ساعات فتكون هذه الجامعة قد منحت ٢٣.٥ شهادة عليا في كل ساعة بل أنها تكون قد منحت في كل٣ دقائق شهادة دكتوراه !! ولا ادري أين هم أصحاب هذه الشهادات العليا (الرصينة) واي المواقع الأكاديمية يشغلون ؟

أليس من حق الأكاديمين العراقيين الذين تعبوا وسهروا وقضوا أياما وشهورا وسنوات في البحث والتحضير لنيل شهاداتهم أليس من حقهم ان يطالبوا بحمايتهم من هجمة الشهادات المزورة والمزورين ؟؟؟