رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أدهم إبراهيم يكتب: من سيكون رئيس الوزراء القادم في العراق؟

نشر
الأمصار

في تشرين أول/ اكتوبر عام 2019 خرج عشرات الألوف من المتظاهرين إلى شوارع بغداد ومحافظات الوسط والجنوب في انتفاضة عارمة للتعبير عن سخطهم وغضبهم من الفساد والبطالة وانهيار الخدمات العامة، وطالبوا بإسقاط نظام الحكم الجائر الذي هيمنت عليه الاحزاب والتكتلات الفاسدة منذ الغزو الامريكي للعراق عام 2003.

 

سقط الآلاف من المتظاهرين والنشطاء بين شهيد وجريح ومعوق، كما جرى اختطاف وتعذيب المئات منهم.

 

وكان من اولى ثمرات هذه الانتفاضة سقوط وزارة عادل عبد المهدي، الذي حُمٍل مسؤولية السماح باستخدام العنف المفرط تجاه المتظاهرين السلميين، ثم جرى تعيين السيد مصطفى الكاظمي رئيس جهاز المخابرات العامة كرئيس وزراء توافقي بعد انتظار دام لأكثر من اربعة أشهر، فتعهد رئيس الوزراء الجديد بتنظيم انتخابات مبكرة ونزيهة لتهدئة المنتفضين، ووعد بعدم ترشيح نفسه كضمانة لنزاهة الانتخابات او التأثير عليها.

 

وتم تبديل المفوضية العليا للانتخابات بهيئة قضائية، كما تم تشريع قانون جديد للانتخابات يعتمد على الترشيحات المناطقية.

وحدد يوم 10/10/2021 موعدا نهائيا لها.

 

وفعلا تم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وبالرغم من ان غالبية العراقيين قد قاطعوا هذه الانتخابات للشكوك المسبقة في نزاهتها، الا ان العديد من ممثلي الجماهير المنتفضة قد فازوا بمقاعد تزيد على الثلاثين تحت مسميات مختلفة او مستقلين، كما كان من حصيلتها سقوط العديد من مرشحي الاحزاب والتكتلات المهيمنة على الساحة السياسية، وعلى الاخص تلك المرتبطة بالميليشيات الولائية. وقد حقق الصدريون أعلى نسبة في هذه الانتخابات.

 

ونتيجة للخسارة المدوية للأحزاب الولائية، فقد علت اصواتهم في التشكيك بنزاهة الانتخابات واتهامات للمفوضية العليا، وهم يعلمون جيدا ان كل التحضيرات للانتخابات بما فيها المفوضية الجديدة والقانون الجديد قد تمت بأصواتهم في مجلس النواب.

ثم دفعوا بميليشاتهم الى الشارع للضغط على المفوضية المستقلة لإعادة الانتخابات او الفرز اليدوي، وقد قطع مجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي الطريق عليهم عندما اعترف بنزاهة الانتخابات وبنتائجها مهما كانت.

 

المهم أن الصراع على منصب رئيس الوزراء وتوزيع الوزارات كاقطاعيات بدأ منذ الان، والكل يعلم ان ذلك لايتم الا بالتوافق السياسي.

لكون التقسيمات المصطنعة للمجتمع بعد غزو العراق عام 2003 تدفع باتجاه نظام ديمقراطي شكلي يقوم على اساس التوافق بين رؤساء الأحزاب السياسية الرئيسة في توزيع المناصب العليا للرئاسات الثلاث من خلال التقسيمات الطائفية والقومية.

ولكن ذلك كله مرهون بتفاهمات مراكز صنع القرار في طهران وواشنطن.

 

ان الوضع السياسي الحالي والانقسامات التي افرزتها الانتخابات الاخيرة تظهر صعوبة التوافق على رئيس وزراء يرضي كل الأطراف، أضافة الى تعذر حصول أي من الكتل الرئيسة لوحدها على الأغلبية البرلمانية اللازمة لترشيح رئيس الوزراء.

 

ولذلك فمن المتوقع اطالة امد المفاوضات، خصوصًا وان الكل يرغب في المشاركة بالحكومة لعدم وجود معارضة فعلية في البرلمان العراقي على مدى السنوات الماضية.

 

ان الفشل المتوقع في الاتفاق على مرشح جديد لرئاسة الوزراء يرجح كفة بقاء رئيس الوزراء الحالي السيد مصطفى الكاظمي في سدة الحكم، حيث استطاع من خلال فترة حكمه القصيرة  اقناع كثير من الاطراف الداخلية والخارجية بسلامة واعتدال نهجه الاصلاحي ، وبدا هذا النجاح في تحركاته الخارجية، وكذلك في محاولاته لحصر السلاح بيد الدولة، وتقديم الجناة في جرائم اغتيال الناشطين الى العدالة، إضافة الى كونه شخصية مستقلة غير محسوبة على اي من الأطراف السياسية النافذة في البلاد، وقد وصل الى رئاسة الحكومة الحالية كرئيس موقت للتهدئة بعد انتفاضة تشرين.

 

وبناء على كل ذلك فان السيد الكاظمي سيكون من أقوى المرشحين التوافقيين حظا لتشكيل الحكومة القادمة، رغم محاولات الميليشيات الولائية التشويش على الوضع السياسي والامني بطرق شتى.