رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الشعب اليمنى يسدد فاتورة الحرب السياسية المذهبية في بلاده

نشر
الأمصار

وصف خبراء الموقف في اليمن، التي تمزقها الحرب الأهلية، بأنه “يتدهور بسرعة”، وفقا لتقرير البرنامج الذي أعرب عن مخاوفه حيال إمكانية مشاهدة ارتفاعات هائلة في عدد اليمنيين الذين يواجهون خطر المجاعة خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة.

خمسة ملايين شخص في اليمن على شفا مجاعة قد تجتاح البلاد بينما هناك 16 مليون شخص آخرين “يسيرون في اتجاه تلك المجاعة”، مع ارتفاع أسعار الغذاء والعجز الصارخ في الوقود، قد يؤدى لأمر كارثيا.

حذر بيزلي في حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أن عدم توافر المزيد من التمويل سوف يضطر برنامج الغذاء العالمي إلى إلغاء الحصص التموينية من الطعام التي تقدم لحوالي 3.2 مليون نسمة بحلول أكتوبر المقبل.

وقالت أنابيل سيمنغتون، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في اليمن، إن اليمنيين في موقف لا يمكنهم فيه في الوقت الراهن تحمل تكلفة إمدادات الغذاء الأساسية، وأضافت “الأسباب وراء أزمة الجوع في اليمن ربما تنطوي على قدر كبير من التعقيد، لكن أثر الجوع على اليمنيين واضح للعيان. فالتراجع الحاد في قيمة الريال اليمني وارتفاع أسعار الغذاء جعلت من المستحيل تحمل اليمنيين العاديين نفقات الغذاء الأساسي”.

وشددت على ضرورة توفير 797 مليون دولار من أجل الاستمرار في توفير المستويات الحالية من المساعدات الغذائية على مدار الأشهر الستة المقبلة التي تبدأ في أكتوبر المقبل .

الهروب من المجاعة

بينما نزح 4 ملايين شخص، فإن ما يقرب من 32 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل ويتعرضون لخطر الاستغلال وسوء المعاملة، إلى أن المجالات الحرجة للاستجابة لاتزال تعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تلقى شركاء المعونة أقل من 10 في المائة من التمويل اللازم لتقديم خدمات الصحة المنقذة للحياة والمياه والصرف الصحي ودعم اللاجئين والمهاجرين.

كما أن الوضع يمكن أن يتغير عندما يتوفر التمويل الإنساني، ففي العام الماضي تمكن برنامج الغذاء العالمي ن الوصول إلى 6 ملايين شخص بالمساعدات الإنسانية، بينما قدمت هذا العام مساعدات طارئة لحوالي مليوني شخص.

بداية الأزمة اليمنية

انقسم اليمن لنظامين الشمال والجنوب منذ ستينيات القرن العشرين وكلا الجمهوريتين أنشئتا مؤسسات خاصة لشؤون الوحدة ولكن اختلاف النظام السياسي والاقتصادي كان عاملا معرقلاً وهو العامل الرئيس، كانت هناك عوامل أخرى مثل رفض عملاء السعودية من مشايخ القبائل وحلفائهم من القوى المحافظة للوحدة مع اليمن الجنوبي ولكن التغييرات الداخلية والخارجية الطارئة ساعدت على قيام الوحدة اليمنية. تم إعلان الوحدة رسميا في 22 مايو 1990 واعتبار علي عبد الله صالح رئيسا للبلاد وعلي سالم البيض نائب لرئيس الجمهورية اليمنية، لم تستطع أي من الدولتان اليمنيتان فرض نظامها ورؤيتها على الآخر فقامت الوحدة السياسية قبل دمج المؤسسات العسكرية والإقتصادية .

تم ترحيل قرابة نصف مليون عامل، ستين ألف منهم اضطر للعيش في مخيمات للاجئين عند عودتهم لليمن وهو ما أضر بالإقتصاد اليمني الضعيف إذ كان المغتربون يرسلون قرابة مليارَي دولار سنوياً إلى اليمن، أي 20% من الإيرادات الخارجية وزادت السعودية من دعمها التقليدي للقبائل ضد الحكومة المركزية لإستخراج تصريحات مؤيدة لها من زعامات القبائل والقوى الدينية المعادية للوحدة أصلاً.

الحرب الأهلية 1994

قامت الحرب الأهلية في اليمن بعد ثلاثة أسابيع من تساقط صواريخ سكود على صنعاء، وأعلن علي سالم البيض نفسه رئيساً على دولة جديدة سماها جمهورية اليمن الديمقراطية من عدن، لم يعترف أحد بالدولة الجديدة وعملت السعودية على إخراج اعتراف من مجلس التعاون الخليجي بالدولة الجديدة ووافقت البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة في حين رفضت قطر وسلطنة عمان

بعدها توجهت السعودية للأمم المتحدة للدفع بقرار أممي بوقف إطلاق النار، فشلت الجهود السعودية لعرقلة الوحدة اليمنية فتوجهت للولايات المتحدة مطالبة إياها الاعتراف بعلي سالم البيض فرفض الأميركيون

اليمن والربيع العربي

قامت مظاهرات شعبية على غرار الثورة التونسية وزادت حدتها بعد ثورة 25 يناير المصرية خرج المتظاهرون للتنديد بالبطالة والفساد الحكومي وعدد من التعديلات الدستورية التي كان ينويها علي عبد الله صالح، كما أن مؤشر التنمية البشرية منخفض جدا في اليمن، إذ تحتل البلاد المرتبة 133 من 169 دولة يشملها التقرير،إذ جا فيء ترتيب اليمن في المرتبة 164 من 182 دولة شملها تقرير الشفافية الدولية لعام 2011 المعني بالفساد.

وخرج ما يقارب 16,000 متظاهر في 27 يناير تنديدا بالأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد وأعلن صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة ولن يورث الحكم لإبنه أحمد في 2 فبراير، تظاهر 20,000 شخص في الميادين العامة مطالبة بتنحي صالح دون شروط.

تولّى المبعوث الأممي جمال بن عمر مهمة الإشراف على الفترة الانتقالية برئاسة عبد ربه منصور هادي وعلى سير أعمال مؤتمر الحوار الوطني اليمني.

ومع بدء جلسات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، أخذت النخب السياسية من حزبي حزب التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام بزيادة سيطرتها على مؤسسات الدولة الرئيسية والوحدات العسكرية والمناصب السياسية، فاغتيالات الضباط والعسكريين واستهداف البنية التحتية مثل خطوط نقل الكهرباء في مأرب وأنابيب النفط مرتبطة بصراع النخب التي لم تغادر المشهد اليمني. لم يكمل مؤتمر الحوار الوطني أعماله في 18 سبتمبر 2013 كما كان مفترضاً، فأعلن جمال بنعمر أن عبد ربه منصور هادي سيبقى رئيساً للفترة الإنتقالية حتى الإنتهاء من كل القضايا وإجراء انتخابات جديدة واعترف جمال بنعمر بوجود عرقلة ممنهجة.

وتم اختتام جلسات مؤتمر الحوار الوطني اليمني في 20 يناير 2014 دام مؤتمر الحوار الوطني اليمني عشرة أشهر شهد انشقاق وانسحاب مكونات عديدة واقيم حفل ختامي في 25 يناير 2014 بمناسبة انتهاء الحوار والإتفاق على دولة جديدة ستتخذ اسم “جمهورية اليمن الإتحادية” على أن يترأس عبد ربه منصور هادي لجنة تحدد عدد الأقاليم الفدرالية في الدولة وتصيغ الدستور الجديد ومن المقرر أن تنهي اللجنة الرئاسية عملها خلال عام أو أي موعد قبل 25 يناير 2015 أصدر مجلس أمن الأمم المتحدة القرار رقم 2140 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في 26 فبراير 2014 بمعاقبة معرقلي التسوية السياسية اليمنية وقال أمين عام مؤتمر الحوار الوطني اليمني أحمد عوض بن مبارك أن القرار يستهدف معرقلي المرحلة الإنتقالية الذين يضربون أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وغيرها من الممارسات الهادفة لعرقلة استكمال الانتقال السلمي للسلطة

الحوثيون

اندلعت اشتباكات مسلحة بين الحوثيين وأطراف مرتبطة بحزب التجمع اليمني للإصلاح في دماج عام 2013 وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب انضمامه للقتال ضد الجماعة الزيدية المسلحة ولم تكن المرة الأولى وقد جنّدهم علي محسن الأحمر سابقاً في حروبه ضد الحوثيين.وكانت تلك بداية إشتباكات طويلة من أكتوبر 2013 انتقلت إلى محافظة الجوف ومحافظة عمران ومحافظة صنعاء.

انتصر الحوثيون على ميليشيات حسين الأحمر التي ضمت عناصر من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

وفي صعدة ومحافظة عمران بحلول فبراير 2014، وتدخل بعدها اللواء 310 مدرع بقيادة حميد القشيبي الموالي لعلي محسن الأحمر ورفضت وزارة الدفاع إضفاء الرسمية على عمليات اللواء وقالت إن الجيش اليمني يقف على مسافة واحدة من الشعب ويجب إبعاده عن الصراعات والمناكفات السياسية والحزبية.

في 12 يوليو 2014، أصدر مجلس أمن الأمم المتحدة بيانا بخصوص أحداث محافظة عمران طالب فيه بانسحاب الحوثيين وجميع “المجموعات المسلحة والأطراف المشاركة في العنف” من عمران والتخلي عن السيطرة عليها وتسليم الأسلحة والذخائر التي نهبت من عمران إلى “السلطات الوطنية الموالية للحكومة”. كما طالب أعضاء مجلس الأمن نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة والأطراف الأخرى المشاركة في العنف الحالي، وحثوا على تطبيق اتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة سريعاً، وطلبوا من الوحدات العسكرية مواصلة التزامها الحياد خدمة لمصلحة الدولة.

وحث لجنة الخبراء المسؤولة عن تسمية معرقلي عملية نقل السلطة على النظر سريعاً بشأن المعرقلين وتقديم توصيات عاجلة إلى لجنة العقوبات في المجلس.

وصدرت بيانات مشابهة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي أشار صراحة إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح في بيانه وأعادت الولايات المتحدة تأكيداتها أن أشخاصاً داخل الحكومة اليمنية وآخرين يهددون السلم والأمن والإستقرار في اليمن عام 2014 دون الإشارة لأسمائهم في 18 أغسطس 2014، دعا عبد الملك الحوثي للإحتشاد ضد قرار الحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية.

بدأ الحوثيون أواخر يونيو 2014، احتجاجات على ما وصفوه بالفساد وارتفاع الأسعار، وانطلقت هذه الاحتجاجات من معقل الحركة الأساسي في محافظة صعدة شمال البلاد، ثم اتجهت جنوبا نحو محافظة عمران، وخلال أيام تحولت إلى حرب اشعلتها ضد خصومها القبليين من مشائخ آل الأحمر، وانتهت المواجهات، في 18 يوليو، في مدينة عمران باستيلاء مسلحي الحركة على معسكر اللواء 310 مدرع بعد قتل قائده العميد حميد القشيبي.

وأطلقت الحركة الإرهابية المدعومة من إيران، موجة جديدة من الاحتجاجات والاعتصامات عام 2014 داخل صنعاء لإسقاط الجرعة، وأتبعت اعتصاماتها بحشد آلاف من مسلحيها لمحاصرة العاصمة صنعاء من كل الجهات، مطالبة بإسقاط حكومة باسندوة.

الحوثيين وإيران
لقي اجتياح الحوثيين لصنعاء في 21 سبتمبر 2014 بهجة كبيرة في طهران التي اعتبرت ذلك نصراً مؤزراً.

ونقلت الأنباء عن ممثل مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي قوله إن “ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية”، مشيرا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية. الأمر الذي سبب انزعاجاً وقلقاً كبيرين في اليمن وعدد من دول المنطقة ووالعالم .

واتجه مسلحو الحركة، 25 سبتمبر 2014، لمحاصرة مقر الأمن القومي في صنعاء (الاستخبارات) لإطلاق سراح سجناء من بينهم بعض الإيرانيين كانت الحكومة اليمنية اتهمتهم بمحاولة إيصال شحنة من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية للحوثيين بواسطة السفينة جيهان.

وفي 27 سبتمبر 2014، وفي خضم هذه الأحداث، استقال محمد باسندوة وحكومته.

وبلغ الأمر ذروته في 19 يناير 2015، عندما هاجم الحوثيون منزل الرئيس هادي، وحاصروا القصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس الوزراء واقتحموا معسكرات للجيش ومجمع دار الرئاسة، و معسكرات الصواريخ، وسيطر الحوثيين على قناة اليمن ووكالة سبأ للأنباء، وفرضهم الإقامة الجبرية على رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح ووزراء الحكومة.

المجتمع الدولي

أعلنت واشنطن التحرك نحو تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية”،2020 بعد ما خرج على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو بأن هذا التوجه يعد تأكيدا على سياسات بلاده للتصدي لإيران والتنظيمات التي تتبعها في المنطقة..

ويتراوح عدد مسلحي الحركة ما بين 300 ألف و500 ألف مسلح حوثي، وتسعى إلى إسقاط الحكومة الشرعية بهدف السيطرة على اليمن.
ويسيطر الحوثيون على محافظات ومدن في الغرب والشمال اليمني وهي: العاصمة صنعاء، ومدينة الحديدة التي تضم ميناءين دوليين ومركز محافظتها، ومحافظات عمران، وذَمار، وإب، والبيضاء، وحَجة، وصعدة، إضافة إلى نفوذ في محافظة مأرب بوسط البلاد.

أكد الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، الخميس الماضي، حرصه الشديد على حقن دماء اليمنيين والجلوس إلى طاولة الحوار لأنه السبيل الأمثل لإنهاء حالة الحرب المفروضة التي يعانى من تداعياتها الشعب اليمنى.

وبحث هادى خلال لقائه بالمبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندر كينج، مستجدات الأوضاع الراهنة وسبل تحقيق السلام وإنهاء حالة الحرب فى اليمن.

واتفق الرئيس اليمنى مع الرؤية الأمريكية حول القضايا الاستراتيجية وفى مقدمتها ضرورة عدم نقل التجربة الإيرانية إلى اليمن والمنطقة وتأمين خطوط الملاحة الدولية ومحاربة الإرهاب.

وأيد هادى كل الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى سلام دائم وشامل وفق المرجعيات الثلاث والمتمثلة فى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأشار إلى أهمية الضغوط الدولية على الحوثيين لوقف التصعيد واستهداف الأبرياء ومخيمات النزوح وغيرها من الأعمال المستهدفة للمدن والموانئ.